للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علق التحريم على وجود الإسكار، ولم يفرق بين نوع ونوع (١).

٤ - حديث جابر - رضي الله عنه - فإنه دل على تحريم القليل مما أسكر كثيره، فما عرف أنه مسكر وجب اجتنابه بالكلية، وإن كان قليله لا يسكر؛ لأن قليله قد يجر إلى كثيره، وجاء ذلك بلفظ عام؛ لأن. (ما) من ألفاظ العموم، فتشمل كل ما أسكر من أي مادة كان.

والقول الثاني: أن الخمر اسم خاص بالمتخذ من عصير العنب خاصة إذا غلى واشتد، وبه قالت الحنفية، وهل يشترط أن يقذف بالزَّبَدِ؟ ذهب أبو حنيفة إلى أنه يشترط؛ لأن الغليان بداية الشدة والإسكار، واكتمالها إنما يكون بالقذف بالزبد، فلا يسمى خمرًا قبل ذلك؛ لأن أحكام الشرع قطعية فتناط بالنهاية، كالحدِّ، وكفر مستحلها، وتحريم بيعها، ونجاستها.

وذهب صاحباه أبو يوسف ومحمد إلى عدم اشتراط قذفه بالزبد؛ لأن الإسكار يتحقق بدونه، وهذا هو الراجح عند الحنفية سدًّا للذريعة (٢).

واستدل الحنفية على أن الخمر هي عصير العنب من اللغة بما جاء في "المحكم" لابن سيده فإنه جزم بأن الخمر ما أسكر من عصير العنب دون سائر الأشياء (٣)، قال صاحب "الهداية" من الحنفية: (الخمر عندنا ما اعتصر من ماء العنب إذا اشتد، وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم) (٤).

كما احتجوا بقوله تعالى حكاية عن صاحب يوسف - عليه السلام -: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] قالوا: فدل على أن الخمر هو ما يعصر ويبقى نيئًا لا ما ينبذ أو يطبخ.

كما احتجوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: حرمت الخمر قليلها وكثيرها، وما أسكر من كل شراب (٥). قالوا: فخص الخمر بحكم، ثم عطف عليها المسكر، والعطف يقتضي المغايرة.


(١) "الفتاوى" (٢٨/ ٣٤١ - ٣٤٢).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ١١٢)، "تكملة فتح القدير" (١٠/ ٩١).
(٣) "المحكم" (٥/ ١١٤).
(٤) "الهداية" (٤/ ١٠٨).
(٥) "رواه النسائي" (٨/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>