للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث مختلف في وصله وانقطاعه، وفي رفعه ووقفه، وقد بين النسائي ذلك، ونقل الزيلعي عن ابن معين والعقيلي تضعيف الحديث (١). وقد حسن المعلق على "جامع الأصول" هذا الحديث موقوفًا (٢).

وأجابوا عن أدلة الجمهور بأنها محمولة على القليل من القدر المسكر.

والصواب في هذا ما ذهب إليه الجمهور من أن الخمر يطلق على كل ما أسكر من آية مادة كان إطلاقًا حقيقيًّا وأنه لا يختص بالمسكر من ماء العنب، لقوة أدلتهم وصراحتها في الدلالة على المراد.

وأما مذهب الحنفية فهو قول ضعيف مخالف للغة العرب، والسنة الصحيحة، وفهم الصحابة - رضي الله عنهم -.

وما حكاه صاحب "الهداية" مردود، فالمعروف في اللغة ما ذهب إليه الجمهور، وهو قول الجوهري، وأبي حنيفة الدِّينَوَرِي وغيرهما من متقدمي أهل اللغة (٣)، قال صاحب "القاموس": (الخمر ما أسكر من عصير العنب أو هو عام، والعموم أصح؛ لأنها حرمت وما بالمدينة خمر عنب) (٤). وتقدم هذا، وأما ما نقل عن ابن سيده فهو معارض بما قرره غيره من أهل اللغة من أن المتخذ من غير العنب يسمى: خمرًا، ثم إن ابن سيده متأخر؛ لأنه في منتصف القرن الخامس.

ويكفي في ذلك أفصح العرب لسانًا محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه الذي قال: "كل مسكر خمر" فإن هذا نص في تعريف الخمر يغني عن النزاع.

وأما فهم الصحابة - رضي الله عنهم - فقد قال أنس - رضي الله عنه - كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأُبي بن كعب من فضيخ زَهْو تَمْرٍ، فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد


(١) "نصب الراية" (٤/ ٣٠٦).
(٢) "جامع الأصول" (٥/ ١٠٥).
(٣) انظر: "الصحاح" (٢/ ٦٤٩)، "فتح الباري" (١٠/ ٤٧)، وانظر ترجمة الدينوري في: "الأعلام" (١/ ١١٩).
(٤) "ترتيب القاموس" (٢/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>