للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على رقبته فرس لها حمحمة، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك من الله شيئًا قد أبلغتك … " الحديث (١). فهذا فيه دليل على أن الغال يأتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق بهذه الصفة الشنيعة. وأما (الشنار) في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - فهو: العيب والعار، وقيل: العيب الذي فيه عار (٢).

* الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم الغلول وأنه من كبائر الذنوب، وهذا بالإجماع كما نقله النووي (٣)، والحديث له ما يؤيده من نصوص الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١] وعن زيد بن خالد - رضي الله عنه - أن رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صلوا على صاحبكم" فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: "إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله" ففتشنا متاعه فوجدنا خرزًا من خرز يهود، لا تساوي درهمين (٤).

* الوجه الرابع: نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن الغال من الغنيمة إذا تاب قبل القسمة فإنه يعيد ما غله (٥)، وأما إذا تاب بعد القسمة ففيه قولان:

الأول: أنه يدفع خمسه إلى الإِمام ويتصدق بالباقي، وهذا قول الحسن والزهري ومالك والأوزاعي والثوري والليث، ونصره ابن قدامة (٦)؛ لأن في التصدق به نفعًا لمن يصل إليه من المساكين، وما يحصل من أجر يصل إلى صاحبه، فيذهب به الإثم عن الغال.

والقول الثاني: أنه لا يتصدق به، وهذا قول الشافعي، فإنه قال: إن كان مَلَكَهُ فليس عليه أن يتصدق به، وإن كان لم يملكه فليس له الصدقة بمال


(١) رواه البخاري (٣٠٧٣)، ومسلم (١٨٣١). والحمحمة: بمهملتين بينهما ميم ساكنة ثم ميم قبل الهاء، هو صوت الفرس عند العلف "فتح الباري" (٦/ ١٨٦).
(٢) "النهاية" (٢/ ٥٠٤).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (١٢/ ٤٥٩).
(٤) رواه أبو داود (٢٧١٠).
(٥) "المغني" (١٣/ ١٧١).
(٦) "المغني" (١٣/ ١٧١ - ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>