للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للجهاد، والرجعة القفول، وهذا تفسير ابن المنذر، ونقله عنه الخطابي ثم قال: (كلام ابن المنذر في هذا ليس بالبين؛ لأن فحواه يوهم أن معنى الرجعة هو القفول إلى أوطانهم، وليس هو معنى الحديث).

ثم بين معنى الحديث وأن المراد بالبدأة نهوض السرية من جملة العسكر إلى جهةٍ ما، فتوقع بالعدو وتغنم، فما غنموا كان لهم منه الربع بعد الخمس، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه، فإن قفلوا من الغَزاة ثم رجعوا فأوقعوا في العدو ثانية كان لهم الثلث. قال الصنعاني: (وما قاله الخطابي هو الأقرب) (١)، وهو قول أبي عبيد (٢)، وعليه مشى الشيخ عبد العزيز بن باز في تفسير الحديث.

ولعل سر هذا التفريق -والله أعلم- أنهم في البدأة ظهورهم محمية بالجيش؛ لأنه وراءهم، فهم يغيرون على العدو بقوة الجيش، فصار تعبهم أهون، والخطر عليهم أقل، بخلاف الرجعة فإن نهوضهم أشق، والخطر فيه أعظم؛ لكون الجيش منصرفًا عنهم. وهذا أحد أقسام النفل في الغزو (٣).

وتفسير ابن المنذر له حظ من النظر؛ لأنه أَخْذٌ بظاهر اللفظ، ولأنهم قد يقاتلون وهم راجعون إلى ديارهم، فأُعطوا الثلث في القفول لضعفهم وضعف دوابهم، ورغبتهم في الرجوع إلى أوطانهم وأهاليهم، لطول عهدهم بهم.

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على جواز التنفيل من الغنيمة، وقد تقدم أن التنفيل يكون بعد إخراج الخمس، والتنفيل في هذا الحديث هو تنفيل السرايا، فهذا دخل الجيش أرض العدو وأرسل الإِمام سرية إلى جهةٍ ما فغنموا، بدأ فعزل الخمس، ثم جعل لهم الربع مما بقي نفلًا خاصًّا بهم، ثم يشاركون الجيش فيما فضل بعد الربع، ثم يفعل بهم بعد القفول مثل ذلك، إلا أنه يزيد في الانصراف فيعطيهم الثلث بعد الخمس.


(١) انظر: "الأوسط" (١١/ ١٣٦)، "معالم السنن" (٤/ ٥٨)، "النهاية" (١/ ١٠٣)، "المغني" (١٣/ ٥٣ - ٥٥)، "سبل السلام" (٧/ ٩٦).
(٢) "الأموال" ص (٣٢٧).
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>