للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون غانمًا إن أخذ أو غارمًا إن أعطى (١). وليس دخوله هو الذي جعل العقد قمارًا، بل إخراجهما الرهان هو الذي جعل العقد قمارًا، وصار دخوله على غير الوجه الذي دخلا عليه من الخوف والرجاء لا عبرة به، فكأنه لم يدخل، فكان العقد قمارًا.

° الوجه الثالث: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على اشتراط المحلل في السباق، وهو صاحب الفرس الثالث الذي لم يدفع شيئًا، وذلك ليخرج لعقد من صورة القمار.

ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأن المتسابقين متى أدخلا بينهما فرسًا تيقن صاحبه أنه يَسبق غيره فإن العقد يكون قمارًا؛ لأنه لا يخلو واحد منهما من أن يغنم أو يغرم، بخلاف ما إذا لم يتيقن بل صار يرجو ويخاف، فإنه لا يكون قمارًا.

وصورة ذلك أن يضع المتسابقان سَبَقين؛ أي: جائزتين بينهما، ثم يأتي متسابق ثالث فيرسل معهما فرسه ولا يضع من عنده شيئًا، وشرط المحلل أن يكون فرسه مكافئًا لفرسيهما، بحيث يحتمل أن يَسبق أو يُسبق، فإن سبق أخذ سبقيهما؛ لأنه جعل لمن سبق، وقد سبق، وإن لم يسبق أحرزا سبقيهما؛ لأن المحلل لم يسبقهما وليس عليه شيء؛ لأنه لم يُشرط عليه لمن سبقه شيء، فإن كان هناك يقين من عجز فرسه عن السبق كان يكون هزيلًا لم يجز؛ لأن دخوله حينئذٍ يكون صوريًّا في السباق، فيبقى كأنه سباق بين طرفين أخرجا الجعل، وكل منهما إما غانم أو غارم، وهذا هو القمار، وكذا إن كان هناك يقين من تفوقه لم يجز؛ لأن دخوله مجرد صورة أو حيلة منه؛ لأنه سيغنم ماليهما وكأنهما يتسابقان بلا مال يغنمانه، بل على مال يغرمانه (٢).

ولا خلاف بين العلماء في جواز العوض من أحد المتسابقين أو من غير المتسابقين كالإمام أو أحد الرعية، أما إذا كان العوض من المتسابقين فإنه لا


(١) "الحاوي الكبير" (١٩/ ٢٢٥).
(٢) انظر: "معالم السنن" (٣/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>