للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجوز إلا إن دخل بينهما محلِّل، خشية الوقوع في القمار، وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة، ورواية عن مالك (١)، واستدلوا بحديث الباب وما في معناه، كما استدلوا بما رواه ابن أبي شيبة بسنده عن أبي عمر الشيباني، عن رجل من الأنصار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الخيل ثلاثة: فرس يربطه الرجل في سبيل الله، فثمنه أجر، وركوبه أجر، وعاريته وعلفه أجر، وفرس يُغالق عليه الرجل ويراهن عليه، فثمنه وزر، وعلفه وركوبه وزر، وفرس لِلْبِطْنَةِ، فعسى أن يكون سدادًا من فقر -إن شاء الله-) (٢).

ووجه الاستدلال: أن المغالقة هي المراهنة، وقد كرهها النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت على رسم الجاهلية، وذلك بأن يضعا بينهما جُعلًا يستحقه السابق منهما، وهذا من القمار (٣)، قال البيهقي: (وهذا -إن ثبت- فإنما أراد به -والله أعلم- أن يخرجا سَبَقَين من عندهما، ولم يدخلا بينهما محللًا، فيكون قمارًا، فلا يجوز) (٤).

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أنه يجوز بذل الجعل من المتسابقين ولو بدون محلل، وقد نص ابن تيمية على أنهما إن أخرجا العوض وكان معهما آخر محللًا يكافئهما كان ذلك جائزًا (٥)، وظاهر هذا أن ابن تيمية لا يرى وجوب المحلِّل، بل يراه جائزًا، ودليلهما:


(١) "الكافي" لابن عبد البر (١/ ٤٩٠)، "المغني" (١٣/ ٤١٢)، "بدائع الصنائع" (٦/ ٢٠٦)، "مغني المحتاج" (٤/ ٣١٤).
(٢) "المصنف" (١٢/ ٤٨٣)، ورواه أحمد (٦/ ٣٠٠)، (٢٧/ ٢٠٥)، (٣٨/ ٢٦٩) من طريق زائدة بن قدامة، عن الركين، عن أبي عمرو الشيباني، عن رجل من الأنصار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا سند صحيح، رجاله ثقات، والحديث له طرق أخرى. انظر: رسالة: "الأحاديث الواردة في اللُّعب" ص (٤٧٣) للشيخ الدكتور: صالح بن فريح البهلال.
(٣) انظر: "غريب الحديث" للخطابي (١/ ٥٢١)، "الفائق" (٣/ ٧٣).
(٤) "السنن الكبرى" (١٠/ ٢١) وإنما قال: (إن ثبت) لأن روى الحديث من طريق فيه مقال.
(٥) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٢٢)، "الفروسية" ص (٧٨، ١٢٥، ١٦٨)، "الشرح الممتع" (١٠/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>