للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (والصُّرَدِ) بضم الصاد وفتح الراء، طائر أكبر من العصفور ضخم الرأس والمنقار، له برثن عظيم، وهو شرس النفس، شديد النفرة، غذاؤه من اللحم، وله صفير مختلف لكل طائر يريد صيده، ومأواه الأشجار ورؤوس القلاع وأعالي الحصون (١).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم أكل النملة والنحلة والهدهد والصرد؛ لأنه لو حلَّ أكلها لما نهي عن قتلها، وهذه قاعدة من قواعد كتاب الأطعمة، وهي أن كل حيوان نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتله فإنه يحرم أكله؛ لما تقدم.

قال الخطابي: (فكلُّ منهي عن قتله من الحيوان فإنما هو لأحد أمرين: إما لحرمته في نفسه كالآدمي، وإما لتحريم لحمه كالصرد والهدهد ونحوهما) (٢).

ونُهي عن قتل النملة لأنها قليلة الأذى والضرر، وقيل: احترامًا لها وذلك لقصتها مع سليمان - عليه السلام -، وأما النحلة فلما فيها من منفعة العسل الذي فيه شفاء للناس، وأما الهدهد فنهي عن قتله احترامًا له، وذلك لقصته مع سليمان - عليه السلام -، أو لأنه منتن الريح ويقتات الدود، وأما الصرد فقد ذكر ابن العربي أنه نهي عن قتله لأن العرب كانت تتشاءم به، فنهي عن قتله ليخلع عن قلوبهم ما ثبت بها من اعتقادهم الشؤم فيه (٣).

وكذا كل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله من الحيوانات فإنه يحرم أكله، كالحية والغراب والفأرة والكلب والحدأة وغيرها؛ لأنه إذا أُذن في قتله بغير الذكاة الشرعية دل على تحريم أكله، إذ لو كان الانتفاع بأكله جائزًا لما أذن في إتلافه؛ ولأن الأمر بقتلها إسقاط لحرمتها ومَنْعٌ من اقتنائها، ولو أُكلت لجاز اقتناؤها.


(١) "حياة الحيوان الكبرى" (٣/ ٦١).
(٢) "معالم السنن" (٨/ ١١٤).
(٣) انظر: "معالم السنن" (٨/ ١١٣)، "حياة الحيوان" (٢/ ٦٣، ٣٨٠)، "شرح ابن عثيمين كتاب الأطعمة من البلوغ" ص (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>