للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثماني: أن الضبع ليست بسبع، فلا تدخل في عموم النهي عن السباع؛ لأنها وإن كانت ذات ناب فليست مما يعدو بنابه، والمعتبر في المُحرَّم من السباع ما اجتمع فيه وصفان: الناب، والعدو على الناس، كما تقدم (١)، قال ابن القيم: (وأما الضبع فإنما فيها أحد الوصفين، وهو كونها ذات نابٍ، وليست من السباع العادية، ولا ريب أن السباع أخص من ذوات الأنياب، والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذي بها شبهها، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد والنمر والفهد ليست في الضبع حتى تجب التسوية بينهما في التحريم، ولا تُعَدُّ الضبع من السباع لغة ولا عرفًا) (٢)، وقال الدميري: (الضبع لا يغتذي بالعدو، وقد يعيش بغير أنيابه) (٣).

وأما قولهم: إن حديث الباب غير مشهور، فهذا فيه نظر، فقد صححه جمع من الأئمة، ومنهم البخاري والترمذي، كما تقدم، وكفى بذلك شهرة.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على أنه يجوز للمستفتي إذا سأل المفتي عن حكم شرعي أن يطلب منه الدليل؛ لقوله: (قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟) وهذا يفيد أنه إذا قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - كفى.

° الوجه السادس: في الحديث دليل على أن (نعم) صريحة في الجواب، ومن القواعد الأصولية: السؤال كالمعاد في الجواب، ومعناها: أنه إذا ورد الجواب بـ (نعم) -مثلًا- بعد سؤال مُفَصَّلٍ، اعتبر الجواب مشتملًا على مضمون السؤال؛ لأن مدلول هذه الأداة يعتمد على ما قبلها من تفصيل، ولأن الجواب غير مستقل بنفسه في الإفادة، ومن ذلك قوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: ٤٤] أي: وجدنا ما وعد ربنا حقًّا.

ولهذا تثبت الحقوق بها ويقع الطلاق، فإذا قال رجل لآخر: لي عليك


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/ ١١٧).
(٢) المصدر السابق.
(٣) "حياة الحيوان" (٢/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>