للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه التاسع: في الحديث دليل على جواز أكل ما أمسكه الكلب بالشروط المذكورة في الحديث ولو لم يُذكَّى ما دام أن الكلب قد قتله، لقوله: (وإن أدركته قد قتل ولم ياكل منه فكله)، وفي رواية أخرى: (فإنَّ أَخْذَ الكلب ذكاته)؛ أي: إن أخذ الكلب وقتله للصيد ذكاة شرعية بمنزلة ذبح الحيوان، وهذا إجماع (١).

• الوجه العاشر: ظاهر قوله: (وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله) أنه لا يشترط إنهار الدم فيما صاده الكلب، فلو قتله بخنقه أو بصدمته أبيح، وهذا أحد القولين في مذهب الحنفية، وقول في مذهب الحنابلة، وهو الأصح في مذهب الشافعية.

قالوا: ويؤيد ذلك عموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيكُمْ} [المائدة: ٤] ولأنه لا يمكن تعليم الكلب الجرح وإنهار الدم.

القول الثاني: أنه لا يحل ما صاده الكلب إلا إذا جرحه في أي موضع من بدنه بنابه بحيث ينهر الدم، وهذا ظاهر الرواية في مذهب الحنفية والمفتى به عندهم، وهو قول المالكية، والحنابلة، وأحدُ القولين في مذهب الشافعية وهو ظاهر اختيار الشيخ محمد بن عثيمين (٢)؛ لعموم حديث أبي رافع - رضي الله عنه - الآتي: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا)، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من أكل الصيد الذي قتله المعراض بعرضه -كما سيأتي- لأنه وقيذ، وهذا مثله.

وهذا القول هو الأظهر، لقوة دليله، ويؤيده أن موت الحيوان ودمه فيه مضرٌّ بصحة الإنسان، والشارع ينهى عن كل ما فيه ضرر، وما استدل به أصحاب القول الأول من العمومات فإنه يُخصَّصُ بأدلة تحريم الموقوذة.

• الوجه الحادي عشر: أن شرط إباحة الأكل منه ألا يجده حيًّا حياة


(١) "الإعلام" (١٠/ ١٤٥).
(٢) انظر: "المجموع" (٩/ ٩٦، ١٠٢)، "حاشية المقنع" (٣/ ٥٥٣)، "الدر المختار، شرح تنوير الأبصار بحاشية ابن عابدين" (٦/ ٤٩٤)، "الشرح الصغير" (٢/ ١٦٤)، "الأطعمة" ص (١٨١)، "مذكرة شرح كتاب الأطعمة" ص (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>