للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستقرة، فإن وجده كذلك وأدرك ذكاته لم يحل إلا بالتذكية؛ لقوله: (فإن أمسك عليك فأدركته حيًّا فاذبحه) فلو لم يذبحه مع الإمكان حرم، سواء كان عدم الذبح اختيارًا أو اضطرارًا، كعدم حضور آلة الذبح.

• الوجه الثاني عشر: في الحديث دليل على أن الكلب إذا أكل من الصيد فإنه لا يحل، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية في الجديد، والحنابلة في أرجح الروايتين (١)، وهؤلاءهم الذين يشترطون في أوصاف الكلب المعلم ألا يأكل من الصيد، لقوله: (وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكل)، وفي رواية: قلت: فإن أكل؟ قال: (فلا تأكل، فإنه لم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه)، وقد دل على هذا قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيكُمْ} [المائدة: ٤]، وهذا مما لم يمسك علينا بل على نفسه.

والقول الثاني: أن الكلب إذا أكل من الصيد حلَّ الصيد، وهذا قول المالكية، والشافعية في القديم، وقول للحنابلة (٢)، وهؤلاء لا يشترطون ترك الأكل في أوصاف الكلب المعلم، واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن أعرابيًّا يقال له: أبو ثعلبة، قال: يا رسول الله إن لي كلابًا مكلَّبة فأفتني في صيدها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان لك كلابٌ مكلبة فكل مما أمسكن عليك … "، قال: فإن أكل منه، قال: "وإن أكل منه … " الحديث (٣).

وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة غير ناهضة، كقولهم: إنه محمول على التنزيه جمعًا بينه وبين حديث أبي ثعلبة الدال على جواز الأكل مما أكل منه الكلب، وهذا جواب ضعيف؛ لأنه لا يناسب الحمل على التنزيه مع التصريح بالتعليل في الحديث بخوف الإمساك على نفسه، فقد جعل الشارع أكل الكلب من الصيد علامة على أنه أمسك لنفسه لا لصاحبه، فلا يعدل عن ذلك.


(١) "المجموع" (٩/ ٩٤)، "تكملة فتح القدير" (١٠/ ١١٥)، "الإنصاف" (١٠/ ٤٣١).
(٢) "روضة الطالبين" (٣/ ٢٤٧)، "المغني" (١٣/ ٢٦٣)، "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ١٠٤).
(٣) رواه أبو داود (٢٨٥٧)، وقد حسنه الألباني إلا قوله: (وإن أكل منه) فهو منكر.
"صحيح سنن أبي داود" (٢/ ٥٥١)، ولعل ذلك لمخالفته الأحاديث الصحيحة، كحديث عدي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>