للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خيرًا، وفلان جارح أهله؛ أي: كاسبهم (١).

فمعنى الجوارح: المحصلات للصيد المدركات له، وهذا وصف عام.

وقوله: ({مُكَلِّبِينَ}) مشتق من الكَلَبِ -بفتح اللام- وهو مصدر بمعنى التكليب، وهو تعليم الجارح الصيد، قال في "المصباح المنير": (كَلَّبته تكليبًا: علمته الصيد، والفاعل مكلِّب، وكلَّاب أيضًا) (٢). و (مكلبين) صفة للقانص، وهي حال؛ أي: حال كونكم أصحاب كلاب، وإن صاد بغير الكلاب في بعض أحيانه، أو حال من المفعول وهي الجوارح؛ أي: وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مكلبات للصيد، وذلك بأن تقتنصه بمخلبها أو أظفارها.

والقول الثاني: أنه لا يباح الأكل من صيد الجوارح غير الكلاب، فما صاده غير الكلب لا يحل إلا ما ذُكي، وهذا مروي عن مجاهد، وهو قول جماعة من السلف كالضحاك والسدي (٣).

واستدلوا بظاهر الآية، فإن قوله: {مُكَلِّبِينَ} حال، والمكلِّب معلم الكلاب صفة الاصطياد، ففي ذلك دلالة على أن المراد الكلاب دون غيرها من الجوارح.

والراجح القول الأول، وهو إباحة الصيد بكل معلم من الجوارح والطيور، لقوة دلالة الآية على العموم لكل جارح، ثم إن الآية نزلت والعرب تصيد بالكلاب والطيور وغيرهما (٤). وأما قوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} فلا يستفاد منه قصر الحكم على الكلاب؛ لأن المراد بالمكلبين: المعلمون، وإن كان أصل المادة يطلق على الكلاب فليس كونه كلبًا شرطًا، فيصح الصيد بغير الكلاب من أنواع الجوارح، وخص معلم الكلاب وإن كان معلم سائر الجوارح مثله؛ لأن الاصطياد بالكلاب هو الغالب (٥).


(١) "المصباح المنير" ص (٩٥).
(٢) ص (٥٣٧).
(٣) "تفسير الطبري" (٩/ ٥٤٩).
(٤) "سبل السلام" (٣/ ١٧٢).
(٥) "فتح الباري" (٩/ ٦١٠)، "فتح القدير" للشوكاني (٢/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>