للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام ابن تيمية، وقال: (إنه قول غير واحد من السلف، وهو أظهر الأقوال) (١).

واستدلوا بأن الله تعالى قد علق الحل بذكر اسم الله تعالى في آيات كثيرة، قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيهِ} [المائدة: ٤]، وقال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيه} [الأنعام: ١١٩]، وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] وهذه الآية تدل على النهي عن الأكل من الذي لم يذكر اسم الله عليه، والضمير في قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} يعود على مصدر الفعل المنهي عنه؛ أي: وإن أكله لفسق، وهذا عام فيندرج المنسي في النهي كما تندرج الميتة، وليس هنا ما يمنع من إطلاق الفسق على تارك ما فرضه الله، فيدخل في ذلك تارك التسمية عمدًا.

والقول بأن المراد بهذه الآيات ما ذبح للأصنام، كقوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: ٣]، وقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣]، هو قول صحيح، لكن الآية عامة فيدخل في عمومها متروك التسمية؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا هو الذي اختاره ابن جرير الطبري وبنى تفسير الآية عليه (٢).

كما استدلوا بحديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - الآتي: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل" فعلق الحل بمجموع الأمرين: إنهار الدم والتسمية، فكما أنه لو لم ينهر الدم ناسيًا أو جاهلًا لم تحل الذبيحة، فكذلك إذا لم يسم، ومن فرق بينهما فعليه الدليل.

وهذا أرجح الأقوال، لقوة مأخذه، وكثرة أدلته، فإن القرآن والسنة علَّقا الحِل بذكر اسم الله تعالى على الذبيحة في غير موضع، ولم يصح ما يخصصها بحال دون حال، ثم إن التسمية شرط وجودي، والشرط الوجودي


(١) "المحلى" (٧/ ٤١٢)، "الهداية" (٢/ ١١٣)، "المقنع" (٣/ ٥٤٠)، "الفتاوى" (٣٥/ ٢٣٩)، "جامع المسائل" (٦/ ٣٧٧)، "الفروع" (٦/ ٣١٦).
(٢) "تفسير الطبري" (١٢/ ٨٣ - ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>