للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والطيور وما يُشتق من بعضها، فما كان ذابحه مسلمًا فلا شك في إباحته؛ لأن الأصل فيما يذبحه المسلم الحِل، وما كان ذابحه كتابيًّا وقد ذبحه بالطريقة الشرعية فهو حلال كذلك بنص القرآن، وأما إذا جُهل الأمر بحيث لا يُدرى هل الذي ذبحه ممن تباح ذبيحته أو لا؟ -كما هو الغالب في الأسواق من المستورد- فلعلماء هذا العصر فيه قولان:

الأول: أنه يباح، عملًا بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وطعامهم: ذبائحهم، كما تقدم (١).

الثاني: أنه محرم؛ لأن الأصل في الحيوانات التحريم، فلا يحل شيء منها إلا بذكاة شرعية متيقنة، تنقلها من التحريم إلى الإباحة، وهذه الذكاة مشكوك فيها بالنسبة لهذه اللحوم، بل يغلب على الظن عدم وجودها، فتبقى على الأصل، قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ} إلى قوله: {إلا مَا ذَكَّيتُمْ} [المائدة: ٣] فدلت الآية على أنه إذا لم يُتحقق في هذه اللحوم الذكاة الشرعية فهي محرمة، بناة على الأصل، سواء كانت ذبيحة مسلم أو كتابي (٢).

وهذا القول قوي، ويؤيده ما يلي:

١ - أن القاعدة الشرعية في باب الأطعمة: أنه إذا اجتمع حاظر ومبيح غُلِّبَ جانب الحظر، وهذه القاعدة دلَّ عليها حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - (٣) وغيره من الأحاديث الصحيحة، وهذه اللحوم ترددت بين كونها مذكاة ذكاة شرعية مبيحةً فَتَحِلُّ، وكونها غير مذكاة فلا تحل، تغليبًا لجانب التحريم.

٢ - أن طرق الذبح قد تنوعت، وأصبح معظمها لا يوافق الطريقة الشرعية، لا سيما مع هذه الكميات الهائلة التي تمتلئ بها الأسواق العالمية،


(١) "فتاوى ابن باز" (٢٣/ ٧ - ٨).
(٢) انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٦٠)، "حكم اللحوم المستوردة" للشيخ عبد الله بن حميد ص (١٥، ١٩ - ٢١) وله فتوى -أيضًا- ضمن "أبحاث هيئة كبار العلماء" (٢/ ٦٥٥)، "الأطعمة" للشيخ: صالح الفوزان ص (١٦٥).
(٣) أخرجه البخاري (٥٤٨٤)، ومسلم (١٩٢٩) (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>