للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر بعض الباحثين أن المسالخ الصغيرة تنتج ألفي دجاجة في الساعة، وهذا يُستبعد معه حصول الذكاة الشرعية بأوصافها المعلومة، ومنها التسمية، وإنهار الدم، وهذا مما يطيب المذكاة، وتركه يكسبها خبثًا، يوجب التحريم.

٣ - أنه لم يبق الأمر محلَّ شك وتردد؛ لأن كثيرًا من الباحثين المهتمين اطلعوا على كيفية الذبح في المجازر الموجودة خارج البلاد الإسلامية، إما بالمشاهدة، وإما بإخبار أصحاب هذه المجازر أنفسهم، مما يفيد عدم الثقة ببقية مُصَدِّري هذه اللحوم، لما يغلب على الظن من أن طريقتهم واحدة.

٤ - أن الأمانة قد ضعفت في هذا الزمان، وقَلَّ الصدق، بحيث لا يُعتمد على أقوال المصَدِّرِينَ لهذه اللحوم، ولا على كتاباتهم على ظهر أغلفتها بأنها ذبحت على الطريقة الإسلامية، لا سيما وقد وجد بعض الدجاج برأسه لم يقطع شيء من رقبته، كما وجدت هذه العبارة مكتوبة على أغلفة ما لا يحتاج إلى ذكاة كالسمك.

٥ - أن المطلوب من المسلم أن يسلك سبيل الاحتياط، ويجتنب ما يشك في حله، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "دع مما يريبك إلى مما لا يريبك" (١)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عدي - رضي الله عنه -: "إِذا أرسلت كلبك المُعلَّم فاذكر اسم الله، فإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله"، ولا ريب أن المطاعم الخبيثة لها تأثير كبير على الأبدان والعقول والأخلاق، ولهذا حرمها الله تعالى على عباده، ثم إن في الموجود في بلاد المسلمين من اللحوم والدجاج الذي يذبح محليًّا ما يغني عن المستورد وما فيه من الشبهة.

وأما تَمَسُّكُ من أحَلَّ هذه اللحوم بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ


(١) رواه الترمذي (٢٥١٨)، والنسائي (٨/ ٣٢٧)، وأحمد (٣/ ٢٤٨، ٢٤٩)، وصححه الترمذي، وله شواهد عن أنس وابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) وسيأتي شرحه في أول باب "الزهد والورع" من كتاب "الجامع" إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>