للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وذهب الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة في المشهور عنهم إلي أن الأضحية سنة مؤكدة، بل صرح كثير من أرباب هذا القول بأنه يكره للقادر تركها (١)، وهذا القول هو ظاهر اختيار البخاري (٢)، ونصره ابن حزم وقال: (لا يصح عن أحد من الصحابة أن الأضحية واجبة) (٣)، واختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز.

واستدلوا بحديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يضحي" (٤).

ووجه الدلالة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - علق الأضحية على الإرادة، والواجب لا يعلق على الإرادة.

كما استدلوا بالتمسك بالأصل، وهو براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب السالم من المعارض.

وقد أجاب كل فريق عن أدلة الآخر، فالقائلون بالوجوب أجابوا عن حديث أم سلمة - رضي الله عنه - بأن تفويض الفعل إلى إرادة الشخص لا ينافي الوجوب ولا يدل على أن الشخص مخير على الإطلاق إذا ثبت الوجوب بطريق آخر، مثل: يجب الوضوء على من أراد الصلاة.

وأما التمسك بالأصل فهو دليل قوي، لكن قد قام دليل الوجوب السالم من المعارض، فثبت الحكم، وذلك بالأدلة السابقة.

وأجاب الجمهور القائلون بأن الأضحية سنة عن أدلة الوجوب بأن حديث الباب متكلم فيه، والحفاظ على ترجيح وقفه -كما تقدم- ومع ترجيح وقفه فلا ينتهض دليلًا على الوجوب؛ لحال عبد الله بن عياش.

وأما قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} فليس نصًّا في الموضوع فقد


(١) "المهذب" (١/ ٣١٧)، "بداية المجتهد" (٢/ ٤٣١)، "المغني" (١٣/ ٣٦٠).
(٢) "فتح الباري" (١٠/ ٣).
(٣) "المحلى" (٧/ ٣٥٥).
(٤) "رواه مسلم" (١٩٧٧)، وأُعل بالوقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>