للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وائت الذي هو خير) سواء في أمور الدين أو الدنيا.

قوله: (وكفر عن يمينك) هذه الرواية معناها تأخير الكفارة إلى بعد الحنث، لكن الواو لا تفيد الترتيب بل هي لمطلق الجمع.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من حلف على فعل شيء أو حلف على ترك شيء وكان الحنث وعدم البر باليمين خيرًا من التمادي على اليمين فإنه يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، وهذا التشريع كما هو أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو -أيضًا- فعله، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" (١).

وقد دل على معنى الحديث قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٤] قال ابن كثير: (أي: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها، فالاستمرار على اليمين آثَمُ لصاحبها من الخروج منها بالتكفير) ثم ساق الأحاديث (٢).

وهذا من محاسن هذا الدين ويسره ورفع الحرج عن المكلفين، فإن الإنسان قد يغضب فيحلف على فعل شيء أو تركه، ثم يندم ويتمنى أنه لم يحلف.

وهذا يختلف باختلاف المحلوف عليه، فقد يكون الحنث واجبًا كان يترتب على اليمين ضرر في النفس أو الأهل أو الغير، وفي هذه الحال يكون الاستمرار على اليمين آثَمُ لصاحبها من الخروج منها بالتكفير، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأن يَلَجَّ (٣) أحدكم بيمينه في أهله آَثمُ له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه" (٤). قال


(١) رواه البخاري (٦٧٢١)، ومسلم (١٦٤٩) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -.
(٢) "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٩٠).
(٣) أي: يقيم على ترك الحنث ويستمر على يمينه مع ما فيها من الضرر على غيره.
(٤) رواه البخاري (٦٦٢٥)، ومسلم (١٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>