للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النووي: (ومعنى الحديث: أنه إذا حلف يمينًا تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه ويكون الحنث ليس معصية، فينبغي له أن يحنث، فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه، فإن قال: لا أحنث بل أتورع عن ارتكاب الحنث وأخاف الإثم فيه، فهو مخطئ بهذا القول، بل استمراره في عدم الحنث وإدامة الضرر على أهله أكثر إثمًا من الحنث) (١).

وقد يكون مستحبًا كأن يحلف ألا يتصدق على هذا الفقير، وقد يكون الحنث حرامًا كأن يحلف على ترك معصية، وقد يكون مباحًا فيخير بين البقاء على يمينه أو الحنث مع التكفير، كان يحلف على ترك مباح، كأكل فاكهة أو رغيف ونحو ذلك، لكن حفظ يمينه في المباح أولى لعموم قوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيمَانَكُمْ} [المائدة: ٨٩].

° الوجه الخامس: اعلم أن الكفارة لها ثلاث حالات:

١ - أن تكون قبل الحلف فهذه لا تجزئ اتفاقًا.

٢ - أن تكون بعد الحلف والحنث فهذه تجزئ اتفاقًا.

٣ - أن تكون بعد الحلف وقبل الحنث، فهذه فيها خلاف على ثلاثة أقوال:

الأول: أنه يجوز تقديمها قبل الحنث، وهذا قال به أربعة عشر صحابيًّا (٢)، وجماعة من التابعين، وهو قول مالك وأحمد (٣)، لكن قالوا: يستحب تأخيرها عن الحنث، وكأنهم أرادوا الخروج من الخلاف (٤)، واستدلوا بأن الأحاديث جاءت بألفاظ مختلفة -كما تقدم- ومفاد ذلك جواز إخراجها قبل الحنث وبعده.

كما استدلوا بقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] والكفارة قبل الحنث تحلة وبعد الحنث كفارة؛ لأنه إذا أخرج الكفارة قبل


(١) "شرح صحيح مسلم" (١١/ ١٣٤).
(٢) "تفسير القرطبي" (٦/ ٢٧٥).
(٣) "بداية المجتهد" (٢/ ٤٠٩).
(٤) انظر: "الإنصاف" (١١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>