للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستثناء في اللغة معناه الكف والرد، والحالف إذا قال: والله لا أفعل كذا إلا أن يشاء الله غيره، فقد رد ما قاله بمشيئة الله غيره (١).

وأما الاستثناء الاصطلاحي عند النحاة بأحد أحرف الاستثناء مثل إلا وأخواتها فليس مرادًا هنا.

قوله: (فلا حنث عليه) بكسر الحاء مصدر حَنِثَ بكسر النون من باب عَلِمَ يَحْنَثُ حِنْثًا، والحنث يطلق على التجبد، وعلى الإثم، والمعصية، وعلى الخُلف في اليمين بأن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أن من حلف على أمر وقال: إن شاء الله، متصلًا باليمين أنه يصح استثناؤه ولا يلزم الوفاء بها، فإذا فعل ما حلف عليه فلا إثم عليه ولا كفارة؛ لأن اليمين لا تنعقد مع وجود الاستثناء، وهذا حكم مجمع عليه، نقل الإجماع الخطابي وابن عبد البر وابن رشد وآخرون، قال ابن عبد البر: (أجمع العلماء على أن الحالف إذا وصل يمينه بالله بالاستثناء وقال: إن شاء الله، فقد ارتفع الحنث عنه، ولا كفارة عليه إن حنث) (٢).

° الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه يشترط النطق بالاستثناء بأن يقول: إن شاء الله، فإن لم ينطق واستثنى بقلبه لم ينفع، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، لقوله في الحديث: (فقال: إن شاء الله) فخصه بالقول؛ ولأن اليمين لا تنعقد بالنية، فكذا الاستثناء، ولعموم: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تكلم) (٣).

وروي عن الإمام أحمد أن من كان مظلومًا فاستثنى في نفسه، قال أحمد: رجوت أن يجوز إذا خاف على نفسه.

قال الموفق ابن قدامة: (فهذا في حق الخائف على نفسه؛ لأن يمينه غير منعقدة، أو لأنه بمنزلة المتأول، وأما في حق غيره فلا) (٤)، وعزا ابن حزم


(١) "اللسان" (١٤/ ١٢٤).
(٢) "الاستذكار" (١٥/ ٧٠).
(٣) متفق عليه، وقد سبق في باب "الطلاق" برقم (١٠٨٥).
(٤) "المغني" (١٣/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>