للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جواز الاستثناء في النفس بدون نطق إلى قوم، ولم يسمهم (١)، ويمكن حمل كلامه على ما جاء عن الإمام أحمد.

° الوجه الخامس: الجمهور من أهل العلم على اشتراط اتصال الاستثناء باليمين حقيقة أو حكمًا، والاتصال الحقيقي: أن يذكر الاستثناء عقب اليمين بلا فاصل، والاتصال الحكمي: أن يفصل بينهما فاصل اضطراري كسعال وعطاس ونحوهما، واستدلوا بحديث الباب؛ فإن قوله: (فقال) يقتضي كون الاستثناء بعد اليمين مباشرة؛ لأن الفاء للترتيب باتصال؛ ولأن الاستثناء من تمام الكلام، فاعتبر اتصاله به كالشرط وجوابه وخبر المبتدأ ونحو ذلك.

وقد جاء ذكر الاتصال في بعض روايات الحديث كما تقدم، والمشهور من الروايات خلوها من هذا القيد.

والقول الثاني: أنه لا يشترط الاتصال، بل له أن يستثني إذا لم يطل الفصل، وهذا قول طاووس والأوزاعي، وهو رواية عن أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، قال أحمد في رواية أبي طالب: (إذا حلف بالله، وسكت قليلًا، ثم قال: إن شاء الله، فله استثناؤه؛ لأنه يكفر) (٢).

واستدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله لأغزون قريشًا"، وفي بعض الروايات: ثم سكت، ثم قال: "إن شاء الله" (٣).

كما استدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات … لا يختلى خلاه … "، فقال العباس: إلا الإذخر، فإنه لقيننا وبيوتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلا الإذخر" (٤). فلم يتصل الاستثناء لوجود الفاصل بكلام العباس - رضي الله عنه -.


(١) "المحلى" (٨/ ٤٥).
(٢) "العدة" لأبي يعلى (٢/ ٦٦١)، "المغني" (١٣/ ٤٨٤).
(٣) رواه أبو داود (٣٢٧٨) والصواب أنه مرسل عن سماك، عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قال أبو حاتم وابن عدي. انظر: "العلل" (١٣٢١).
(٤) رواه البخاري (١٨٣٤)، ومسلم (١٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>