للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسحاق بن راهويه، وابن المنذر والظاهرية وجماعة من السلف كطاوس وابنه وعطاء ومجاهد والزهري وآخرين (١)، ودليل هؤلاء إجراء الطلاق والعتاق مجرى اليمين، فعمدتهم الأحاديث الدالة على صحة الاستثناء في اليمين، وقد استدلوا بأحاديث فيها النص على الطلاق والعتاق، وكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة (٢).

والقول الثاني: أنه لا يصح الاستثناء في الطلاق والعتاق، وهذا قول مالك، ونص عليه الإمام أحمد في رواية جماعة، وقال به جماعة من السلف كالحسن وسعيد بن المسيب والليث وغيرهم (٣)، ودليلهم منع إجراء الطلاق والعتاق مجرى اليمين في مسألة الاستثناء؛ لأن الحديث إنما تناول الأيمان وما ذكر ليس بيمين، وإنما هو تعليق على شرط. قالوا: ولأنه أوقع الطلاق والعتاق في محل قابل فوقع، كما لو لم يستثنِ.

وقد جاء عن الإمام أحمد ما يدل على هذا ففي "مسائل ابنه صالح": (سئل أبي وأنا شاهد عن رجل طلق امرأته واستثنى؟ فقال: سل غيري، فقيل له: لم لا تقول فيها؟ قال: إن الطلاق لا كفارة له، وليس هو بمنزلة اليمين؛ لأن اليمين يكفر، والطلاق لا كفارة له) (٤).

وفي "مسائل الكوسج": (قلت له: الاستثناء في الطلاق؟ قال: أقف عنده، والغالب على أنها تطلق، وكذلك العتاق، وذلك أن الطلاق ليس هو يمين يكون فيه استثناء … ) (٥). قال الموفق عن الاستثناء في الطلاق والعتاق: (توقف أحمد في الجواب، لاختلاف الناس فيها، وتعارض الأدلة، وفي موضع آخر قطع أنه لا ينفعه الاستثناء فيهما) (٦).

والخلاف في هذه المسألة مبني على مسألة قبلها، وهي هل يجوز


(١) "مسائل الكوسج" (٥/ ٢٤٦٦)، "المغني" (١٣/ ٤٨٨).
(٢) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٣٦١).
(٣) "االمغني" (١٣/ ٤٨٨).
(٤) "المسائل" (١/ ١٤١).
(٥) (٤/ ١٥٧٨ - ١٥٧٩).
(٦) "المغني" (١٣/ ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>