للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ولتركب) أي: إذا عجزت عن المشي أو لحقها مشقة ظاهرة، ويحتمل أن المراد الإذن بالركوب مطلقًا.

قوله: (إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا) بفتح الشين؛ أي: بتعبها أو مشقتها؛ والمعنى: لا حاجة لله تعالى به فهو غني عنه.

وفي حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخًا يهادى بين ابنيه، قال: "ما بال هذا؟ " قالوا: نذر أن يمشي، فقال: "إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني، وأمره أن يركب" (١).

قوله: (فلتختمر) أي: تغطي رأسها بالخمار.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على صحة نذر الذهاب إلى بيت الله الحرام؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقر المرأة على نذرها الذهاب؛ ولأن المسجد الحرام مما تشد إليه الرحال، فمن نذر ذلك لزمه، كما سيأتي، والقول بلزوم هذا النذر هو قول الجمهور، بل قال الموفق: (لا نعلم فيه خلافًا) (٢).

* الوجه الرابع: اختلف العلماء فيمن نذر المشي إلى بيت الله هل يلزمه المشي على ثلاثة أقوال:

الأول: أنه لا يلزمه المشي، وله أن يركب ولو قدر على المشي، ولا شيء عليه، وهذا قول للشافعي، ورواية عن أحمد، وعن الشافعي يركب عند العجز، ولا شيء عليه (٣)، أخذًا برواية "الصحيحين" من وجهين:

١ - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لأخت عقبة بالركوب بدون قيد.

٢ - أنه لم يأمرها بالكفارة.

قالوا: لأن المشي نفسه ليس بطاعة، وإنما الطاعة الوصول إلى ذلك


(١) رواه البخاري (١٨٦٥)، ومسلم (١٦٤٢).
(٢) "المغني" (١٣/ ٦٣٥).
(٣) "المهذب" (١/ ٣٢٨)، "المفهم" (٤/ ٦١٦ - ٦١٨)، "الإنصاف" (١١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>