للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المكان من غير فرق بين المشي والركوب، ولهذا سوغ النبي - صلى الله عليه وسلم - الركوب للناذر بالمشي، فدل على عدم لزومه النذر بالمشي وإن كان داخلًا تحت الطاعة.

القول الثاني: أنه يلزمه المشي، فإن عجز ركب وعليه كفارة يمين، وهذا هو المذهب عند الحنابلة (١)، وهو قول الأوزاعي (٢). لما تقدم في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند أحمد: "ولتكفر عن يمينها"، كما استدلوا بعموم حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "من نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين"، وعن الإمام أحمد: أنه يصوم ثلاثة أيام، وعنه: أنه يلزمه دم، قال صاحب "الإنصاف": (وجوب كفارة اليمين أو الدم من مفردات المذهب) (٣)، وهذا مروي عن علي وابن عمر -رضي الله عنهما-، وهو قول عطاء والحسن، والدم الواجب عندهم هو شاة (٤).

ولعل القائلين بالدم أخذوا بالروايات التي نصت على الهدي.

القول الثالث: أنه إن شق عليه المشي ركب ولا شيء عليه وإن قدر على المشي وركب الطريق كله فعليه الهدي، وهذا قول ابن حزم (٥)، واستدل بعموم قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] قال: من ليس المشي في وسعه فلم يكلفه الله تعالى المشي، وكان نذره لما ليس في وسعه معصية لا يجوز له الوفاء به، كما استدل بحديث أنس - رضي الله عنه - المتقدم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من نذر المشي وهو لا يطيقه بشيء لركوبه، كما استدل برواية: "فأمرها أن تركب وتهدي هديًا".

وفي المسألة أقوال وتفاصيل ليس عليها دليل، وحديث عقبة واضح فيما


(١) "المغني" (١٣/ ٦٣٥)، "الإنصاف" (١١/ ١٤٨).
(٢) "جامع العلوم والحكم" ص (٤٣٥).
(٣) "الإنصاف" (١١/ ١٤٩).
(٤) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٩٤)، "التوضيح" (١٢/ ٤٩٣).
(٥) "المحلى" (٧/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>