للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: رؤية المشهود به، وهذا يكون في الأفعال، كالقتل والغصب والسرقة والإتلاف والعيوب في المبيع ونحو ذلك من الأشياء المرئية.

الثاني: السماع، وهو ضربان:

الأول: سماع من المشهود عليه، كأن يسمعه يُقِرُّ أن لفلان عليه دَينًا، أو استأجر منه داره، أو اشترى منه سيارة، وما أشبه ذلك.

الضرب الثاني: السماع من جهة الاستفاضة، وتسمى شهادة السماع أو شهادة الاستفاضة وهي لقب لما صرح الشاهد فيه بإسناد شهادته لسماعٍ من غير معين، والمراد به: انتشار الخبر وشيوعه بأن يشتهر المشهود به بين الناس، فيتسامعون به بإخبار بعضهم بعضًا، فيشهد الشاهد على واقعة لم يشهدها ببصره ولم يدركها بسمعه.

ولا تقبل شهادة الاستفاضة إلا فيما يتعذر علمه في الغالب بدونها، كالنسب والولادة والنكاح والموت والرضاع والمُلْكِ المطلق، ونحو ذلك؛ لأنه لو منع من الشهادة بالاستفاضة فيما ذكر لوقع الناس في حرج عظيم، وتعطلت الأحكام؛ لأن مثل هذه الأمور تتعذر الشهادة عليها في الغالب بمشاهدتها ومشاهدة أسبابها، فجازت الشهادة عليها بالاستفاضة، كالنسب. وقد عقد البخاري بابًا لشهادة الاستفاضة فقال: (باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم) وذكر أربعة أحاديث في الرضاع (١).

ولا تقبل شهادة الاستفاضة في الحد؛ لأنه يطلب في الزنا -مثلًا- وصف الجريمة وصفًا دقيقًا، يدل على معاينة، وهذا لا يمكن في حال الاستفاضة، وهكذا القصاص، وبقية الحدود؛ ولأن العقوبات مما يحتاط لدرئها وإسقاطها -كما تقدم- والشهادة بالاستفاضة مبنية على غلبة الظن.

وأكثر طرق العلم: الرؤية والسماع، وقد يدرك العلم بغيرها من الحواس


(١) "فتح الباري" (٥/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>