للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محذوف، والتقدير: لو يعطى الناسُ الأموال أو الدماءَ. وقوله: (دماء رجال) لا مفهوم له؛ لأنه خرج مخرج الغالب.

قوله: (ولكنَّ اليمينَ على المدعى عليه) ضُبطت في "صحيح مسلم" بتشديد النون، وذكر الجرداني (١) في شرحه على "الأربعين" أنها بالتخفيف (٢)، والمدعي: هو الذي يدعي الحق فيضيف الشيء إلى نفسه، والمدعى عليه: هو الذي عليه الحق، وهو المراد بقوله: (من أنكر) وهذا من أحسن التعاريف للمدعي والمدعى عليه، فالمدعي من يضيف الشيء إلى نفسه، والمدعى عليه من ينكر، وهو أقرب إلى لفظ الحديث؛ لأنه سمى المدعى عليه منكرًا.

ومعنى (ولكن اليمين على المدعى عليه) أي: إن اليمين القاطعة للنزاع إذا لم يكن بينة على المدعى عليه، والا فإن أول الحديث دليل على أن المدعي لا بد له من بينة، والمراد باليمين هنا: اليمين الدافعة؛ لأنها تبرئ ذمته من الدعوى.

• الوجه الثالث: هذا الحديث من جوامع الكلم، وهو أصل من أصول القضاء والحكم، وعليه يدور غالب الأحكام، قال القرطبي: (هذا الحديث أصل من أصول الأحكام وأعظم مرجع عند التنازع والخصام) (٣)، ومثله قال ابن دقيق العيد (٤). وقال ابن العطار: (هذا الحديث أصل عظيم، وقاعدة من القواعد الفقهية في باب الدعوى والبينات، وهو أن كل من ادعى دعوى فأنكر المدعى عليه، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه إلا في مسائل … ) (٥)؛ لأن الحديث يقتضي ألا يُحكم لأحد بمجرد دعواه -وإن كان شريفًا- بحق من الحقوق -وإن كان يسيرًا- حتى يستند المدعي إلى ما يقوِّي دعواه، وإلا فالدعاوى متكافئة، والأصل براءة الذمم من الحقوق حتى يرد الدليل الناقل عن ذلك.


(١) انظر ترجمته في: "معجم المؤلفين" (٣/ ٤٣٤).
(٢) "شرح الجرداني" ص (٢٢٤).
(٣) "المفهم" (٥/ ١٤٨).
(٤) "شرح الأربعين النووية" حديث (٣٣).
(٥) "شرح الأربعين النووية" لابن العطار ص (١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>