للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على من ترك واجباً؛ وهذا ما فعله عمر رضي الله عنه، على أنه يحتمل أن يكون عثمان رضي الله عنه قد اغتسل أول النهار، لما ثبت عن حمران مولاه أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء (١)، وإنما لم يعتذر لعمر بذلك كما اعتذر عن التأخير؛ لأنه لم يتصل غسله بذهابه إلى الجمعة.

الوجه الخامس: حديث سمرة رضي الله عنه دليل لمن قال: بأن الغسل يوم الجمعة مستحب، وليس بواجب، وهو قول جمهور الفقهاء من السلف والخلف، وهو القول الثاني في حكم الغسل يوم الجمعة.

ووجه الدلالة: أن الحديث دلّ على اشتراك الغسل والوضوء في أصل الفضل، وعلى عدم تحتم الغسل.

ومن الأدلة أيضاً حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان الناس مَهَنَةَ أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: «لو اغتسلتم»، وفي رواية أخرى من طريق عروة عن عائشة قالت: كان الناس ينتابون إلى الجمعة من منازلهم من العوالي، فيأتون في العِباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنسان منهم - وهو عندي - فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا» (٢).

ووجه الدلالة: أن قوله: «لو اغتسلتم .. » يقتضي أن الغسل ليس بواجب؛ لأن تقديره: لكان أفضل وأكمل، ونحو هذا من العبارات.

ومن الأدلة أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسّ الحصا فقد لغا» (٣).

ووجه الدلالة: أن ذكر الوضوء وما معه من الأوصاف مرتباً عليه الثواب المقتضي للصحة دليل على أن الوضوء كافٍ، قال الحافظ: (إنه من أقوى ما


(١) أخرجه مسلم (٨٤٥).
(٢) أخرجه البخاري (٩٠٢)، ومسلم (٨٤٧).
(٣) أخرجه مسلم (٨٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>