للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة) (١).

هذان القولان في حكم الغسل يوم الجمعة:

الأول: أنه واجب مطلقاً.

والثاني: أنه مستحب، وفي المسألة قول ثالث حكاه ابن القيم، وهو التفصيل بين من له رائحة يحتاج إلى إزالتها فيجب عليه، ومن هو مستغن عنه فيستحب له، ثم ذكر أن الأقوال الثلاثة لأصحاب أحمد (٢)، وقد أشار الحافظ إلى هذا القول (٣)، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٤).

والقول بالوجوب قوي - فيما يظهر لي - لما يلي:

أولاً: أن أدلة الوجوب أقوى إسناداً، وأصرح دلالة، فقد وردت تارة بصيغة الأمر، وتارة بأنه واجب، وتارة بأنه حق، والوجوب يثبت بأقل من ذلك، والرسول صلّى الله عليه وسلّم أفصح الناس وأبينهم وأنصحهم، فلا يتكلم بلفظ يراد به غير ظاهره، وإن كان قد ينازع في الاستدلال بلفظ: (غُسل الجمعة واجب … ) على الوجوب، بناءً على أنه لم يرد استعمال لفظ (واجب) في نصوص الكتاب والسنة بالمعنى الاصطلاحي عند الأصوليين، لكن نقول: إن تعدد الصيغ - كما تقدم - يقوي ذلك.

ثانياً: أنه لا يعدل عن هذا الوجوب إلا بصارف قوي؛ لأن صرف اللفظ عن ظاهره إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً في الدلالة على هذا الظاهر، فحينئذ يُترك الظاهر، ويُعوّل على هذا المعارض الراجح.

وأقوى ما عارضوا به أدلة الوجوب حديث سمرة، وعنه جوابان:

الأول: أنه مختلف في صحته، فلا يقاوم سنده سند الأحاديث الدالة على الوجوب، وهي في الصحيحين.


(١) "التلخيص" (٢/ ٧٢).
(٢) "زاد المعاد" (١/ ٣٧٧).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٣٦٣).
(٤) "الاختيارات" ص (١٧)، "الإنصاف" (١/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>