للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: على فرض صحته على قول من يقول: إن الحسن سمع من سمرة فليس فيه ما يدل على أن الغسل ليس بواجب، وإنما فيه أن الوضوء نعم العمل، وأن الغسل أفضل، وهذا لا شك فيه، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: ١١٠]، فهل يدل على أن الإيمان ليس فرضاً؟ (١).

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «من توضأ فأحسن الوضوء … »، فعنه جوابان:

الأول: أنه ليس فيه نفي الغسل، بل يحتمل أن يكون ذِكْرُ الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب، فاحتاج إلى إعادة الوضوء، فيكون مقيداً بأحاديث الغسل.

الثاني: أنه ورد عند مسلم بلفظ: «من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم صلى معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام» (٢).

ثالثاً: ومما يؤيد الوجوب أن الأحاديث التي صرحت بوجوب غسل الجمعة فيها حكم زائد على الأحاديث المفيدة لاستحبابه، والواجب الأخذ بما تضمن الزيادة منها.

والأحوط للمسلم ألا يدع الغسل يوم الجمعة متى تهيأت أسبابه، فإن الأحاديث اتفقت على فضله والترغيب فيه، وينبغي أن يؤخذ بالاعتبار الأدلة التي ورد وجوب الغسل فيها لعلة، وهي وجود رائحة كريهة مؤذية للحاضرين بل وللملائكة المكرمين.

وعلى القول بوجوب الغسل فليس شرطاً في صحة الصلاة، قال الخطابي: (لم تختلف الأمة في أن صلاة من لم يغتسل مجزئة) (٣).


(١) انظر: "المحلى" (٢/ ١٤).
(٢) أخرجه مسلم (٨٥٧)، وانظر: "فتح الباري" (٢/ ٣٦٢).
(٣) "معالم السنن" (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>