للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذيله دالة على تكبره) (١).

كما استدلوا بالأحاديث التي ورد فيها الوعيد الشديد على الإسبال من غير تفريق بين الخيلاء وغيرها، ومنها: ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" فثبت فيه الوعيد بهذه العقوبة العظيمة، من غير تفريق بين الخيلاء وغيرها، وهذا يدل على تعذيب هذا الجزء من البدن بالنار، وهو ما نزل من الكعب، وهو نظير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للأعقاب من النار" (٢).

وذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الإسبال إذا لم يكن للخيلاء فهو مكروه كراهة تنزيه لا كراهة تحريم (٣)، واستدلواء بحديث الباب من وجهين:

الأول: أن هذا الوعيد مقيد بالخيلاء، ومفهومه أنه إن تجرد الإسبال عن الخيلاء لم يثبت فيه الوعيد، ولا يصل إلى درجة التحريم، وتكون الأدلة المطلقة محمولة على المقيدة.

والوجه الثاني: أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: "إنك لست تصنع ذلك خيلاء" دليل على أن الإسبال قد يكون للخيلاء وقد يكون لغيرها، وإذا كان لغيرها فليس داخلًا في الوعيد.

والقول الأول أرجح، لقوة مأخذه، ثم إن في البعد عن الإسبال احتياطًا للنفس والدين، وبعدًا عن موجبات العقوبة، وملازمة لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في اللباس (٤).

ومما يؤيد هذا الاختيار ما تقدم من قول أم سلمة - رضي الله عنها -: (فكيف تصنع النساء بذيولهن؟) فهذا يدل على أن أم سلمة - رضي الله عنها - فهمت الزجر عن الإسبال


(١) "عارضة الأحوذي" (٧/ ٢٣٨). وانظر: "فتح الباري" (١٠/ ٢٦٤).
(٢) رواه البخاري (٦٠)، ومسلم (٢٤١)، انظر: "أعلام الحديث" (٣/ ٢١٤٤).
(٣) انظر: "الفتاوى الهندية" (٥/ ٣٣٣)، "المنتقى" للباجي (٧/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، "المجموع" (٤/ ٤٥٤)، "روضة الطالبين" (٥٧٥ - ٥٧٦)، "الإنصاف" (١/ ٤٧٢).
(٤) انظر: "لباس الرجل، أحكامه وضوابطه" (١/ ٧٠٣ - ٧٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>