للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطلقًا، سواء للخيلاء أم لا، فسألت عن حكم النساء، ولو فهمت أن التحريم مختص بالخيلاء لما سألت عن حكنم النساء في جر ذيولهن لستر أقدامهن.

وما يؤيد هذا -أيضًا- قوله - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه: "وإياك وإسبال الإزار، فإن إسبال الإزار من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة … " (١) فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسبال كله من المخيلة.

وأما قولهم: إن الأدلة الناهية عن الإسبال مطلقًا محمولة على الأدلة المقيدة للتحريم بالخيلاء، فمؤدى هذا حمل المطلق على المقيد، وهذا فيه نظر؛ لأن الأحاديث في هذا الباب ليست من باب حمل المطلق على المقيد؛ لإن الإسبال إن قصد به الخيلاء فعقوبته أن الله تعالى لا ينظر إلى فاعله يوم القيامة، وإن لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن الله تعالى يعذب فاعله بالنار بقدر ما نزل من الكعبين، وعلى هذا فهما عملان مختلفان، رتب عليهما عقوبتان مختلفتان، ومن شرط حمل المطلق على المقيد الاتفاق في الحكم والسبب أو في الحكم فقط دون السبب، وهنا قد اختلف الحكم، فيمتنع الحمل (٢).

وأما الاستدلال بفعل أبي بكر - رضي الله عنه - فهو مردود من وجوه عديدة، منها:

١ - أن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يقصد الإسبال، وإنما كان أحد شقي إزاره يسترخي بغير اختياره، إذا تحرك بمشي أو غيره، وفرق بين من يرخي ثوبه قصدًا، ومن يسترخي ثوبه بلا قصد، فإن كان الثوب على قدر لابسه لكنه يسترخي بدون قصد لم يحرم، كالذي وقع من أبي بكر - رضي الله عنه -، وإن كان الثوب زائدًا على قدر لابسه بأن نزل عن الكعبين فهذا هو المحرم.

٢ - أن أبا بكر - رضي الله عنه - حريص على إصلاح إزاره وتعاهده بحيث لا يدعه يتجاوز الكعبين، قال الحافظ ابن حجر: "كأن شَدَّهُ كان ينحلُّ إذا تحرك بمشي


(١) رواه أبو داود (٤٠٧٨)، والترمذي (٢٧٢٢)، وأحمد (٣٤/ ٢٣٤). وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٩)، "فتاوى ابن عثيمين" (١٢/ ٣٠٧ - ٣٠٨)، "فتاوى إسلامية" (٤/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>