للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو غيره بغير اختياره، فإذا كان محافظًا عليه لا يسترخي، لأنه كلما كاد يسترخي شَدَّهُ" (١).

٣ - أن الحديث دليل على تحريم الإسبال؛ وأن المسلم لا يطيل ثوبه إلى ما دون الكعبين، وقد فهم أبو بكر - رضي الله عنه - ذلك، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حاله.

٤ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لأبي بكر - رضي الله عنه - بأنه لا يفعل ذلك خيلاء، فمن يزعم أنه نال شهادة كهذه بعد أبي بكر - رضي الله عنه -؟! لا سيما وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الصحابة عن الإسبال مطلقًا، وبين أنه من المخيلة! مع أن بعضهم لم تخطر الخيلاء بباله، ولكن من الناس من يبحث عن المتشابه من النصوص؛ لعله يجد ما يشهد لفعله، والواجب رد المتشابه من النصوص إلى المحكم؛ ليتضح المراد (٢).

ولا يجوز للرجل أن يسبل ثوبه؛ مجاراة لمجتمعه الذي يكثر فيه الإسبال، ويقول: هذه عادة المجتمع، وهذا هو العرف الذي سار عليه غالب الناس؛ فإن هذه علة باطلة؛ لأن العمل بالعرف له شروط وضوابط، ومنها: ألا يخالف دليلًا من أدلة الشرع أو قاعدة من قواعده، وقد نص علماء الأصول على أنه لا عبرة بالعرف مع وجود النص.

° الوجه الرابع: تحريم الإسلام الإسبال مبني على حكم عظيمة، ومصالح جَمَّة، وفيه درء المفاسد عن الناس، ومن ذلك:

١ - أن الإسبال مظنة الخيلاء وذريعة إليها، والوسائل لها أحكام المقاصد، وقد جاءت الشريعة بسد ذرائع المحرمات، يقول الحافظ ابن حجر: (إن الإسبال يستلزم جَرَّ الثوب، وجَرُّ الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده ما رواه ابن عمر مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " … وإياك وجَرَّ الإزار، فإن جر الإزار من المَخِيلة") (٣).


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٥).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٥)، "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (٢٦٨٢)، "فتاوى ابن عثيمين" (١٢/ ٣٠٨).
(٣) "فتح الباري" (١٠/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>