أمم الكفر والضلال، قال تعالى:{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}[الأعراف: ٨١]، وقال تعالى:{وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ}[يونس: ٨٣]، وقال تعالى:{وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}[غافر: ٤٣]. ونفى الله تعالى المحبة عن المسرفين، ومن ذلك قوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف: ٣١]، وقد وصف الله عباد الرحمن بالقصد والاعتدال في الإنفاق، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)} [الفرقان: ٦٧].
إن الإسراف إضاعة للمال، وفقر في المآل، وهو ينافي شكر الله تعالى على النعمة؛ لأن من شكر نعمة المال صرفه فيما أذن فيه من المنافع، وهو سوء تصرف ينبئ عن الأثرة والأنانية وعدم الإحساس بما عليه الفقراء والمحتاجون.
والإسراف يدعو إلى الترف والتنعم والتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها، فحيث كان السرف وكانت المخيلة كان الترف حتمًا.
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي عن بعض فوائد الاعتدال في الإنفاق: (ومن فوائد ذلك: أن في الاعتدال سرَّ بركة، وما عال من اقتصد، وأنَّه يمنع العبد الندم، فإنَّ المسرف في الإنفاق إذا أملق واحتاج لعبت به الحسرات، وجعل يقول بلسان مقاله، أو لسان حاله: يا ليتني لم أفعل ذلك.
وأما المقتصد فإنه لا يندم العاقل على نفقة وضعها في محلها، وأقام بها واجبًا من الواجبات، أو سَدَّ بها حاجة من الحاجات، فإنَّ المال لا يقصد إلا لمثل هذه الحالة.
وأيضًا فإنَّ المسرف في النفقات، لا بد أن يكون مترفًا معتادًا أمورًا، إذا عجز عنها شق عليه الأمر مشقة كبيرة، وكبر عليه الصبر، وثقل عليه حمله بخلاف المعتدل، فإنَّه سالم من هذه الحالة.
وأيضًا فإنَّ الاعتدال في النفقة أحد قسمي الرشد. فالرشد الذي هو معرفة تدبير الدنيا أن يعرف الطرق التي يحصلها فيها، فيسلك النافع منها، ثم