للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اثنتان صدقة وصلة" (١).

* الوجه الخامس: أجمع أهل العلم على وجوب صلة الرحم في الجملة، وتحريم قطعها، لكن اختلفوا في ضابط الرحم التي تجب صلتها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الرحم التي تجب صلتها هي الرحم المَحْرَمُ، كالأباء والأمهات، والإخوة والأخوات، والأجداد والجدات، والأولاد وأولادهم، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وهذا هو المشهور عند الحنفية، وقول المالكية، وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها" (٣).

وذلك لأن الجمع بين الزوجات يورث بينهن العداوة والبغضاء غالبًا، فنهى الشرع أن يكون التعدد بين القريبات، خشية أن يفضي ذلك إلى قطيعة الرحم التي أمر الله بصلتها، مما يفيد وجوب صلة الرحم المحرم.

فإن كان الرحم غير محرم كأولاد الأعمام والعمات، وأولاد الأخوال والخالات لم تجب صلته، بدليل جواز الجمع في النكاح بين بنات العم وبنات الخال؛ لعدم النص بالتحريم فيهما، ولأن إحداهما تحل لها


(١) "غذاء الألباب " للسفاريني (١/ ٣٥٥ - ٣٥٦)، والحديث رواه الترمذي (٦٥٨) (٦٩٥)، وأحمد (٢٦/ ١٦٤)، وقال الترمذي: (حديث حسن) وفي الموضع الثاني: (حسن صحيح) وفيه الرّباب بنت صُليع أم الرائح، وهي مجهولة، لكن له شاهد من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، ضمن حديث طويل، وفيه: "لها أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة". رواه البخاري (١٤٦٦)، ومسلم (١٠٠٠)، والكاشح: العدو الذي يضمر عدواته، ويطوي عليها كشحه، أي: باطنه. "النهاية" (٤/ ١٧٥).
(٢) انظر: "تكملة البحر الرائق" (٩/ ٢٨٥)، "الفواكه الدواني" (٢/ ٣٥٣)، "الآداب الشرعية" (١/ ٤٥٢).
(٣) رواه البخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٠٨) وقد تقدم شرحه في (٧/ ٢٥٠) من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>