للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأخرى لو كانت ذكرًا ولو وقع بينهما شيء من القطيعة، وهذا يدل على أن صلتها ليست بواجبة (١).

القول الثاني: أن الرحم التي تجب صلتها هي الرحم من ذوي الميراث دون غيرهم ممن لا يرث، واختار هذا القول بعض الفقهاء، كالقاضي عياض من المالكية، والنووي من الشافعية، وغيرهما (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رجل يا رسول الله، من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: "أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك" (٣).

وتخصيص الرحم الواجب صلته بذوي الميراث فيه نظر من وجهين:

الأول: أن الحديث الذي استدلوا به ليس فيه تخصيص الصلة بذوي الميراث دون غيرهم، بل ظاهره الأقرب فا لأقرب، قال القرطبي: (وقوله: "ثم أدناك أدناك" يعني: أنك إذا قمت ببر الأبوين تعيَّن عليك القيام بصلة رحمك، وتبدأ منهم بالأقرب إليك نسبًا فالأقرب .. ) (٤) وقال الحافظ ابن حجر: (المراد بالدنوِّ: القرب إلى البار) (٥).

الثاني: أنه يترتب على هذا القول عدم صلة الأخوال والخالات، لكونهم غير وارثين، وهذا يعارض حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخالة بمنزلة الأم" (٦).

والقول الثالث: أن جميع الأقارب تجب صلتهم، سواء أكان يرثه أم لا، وسواء أكان ذا محرم أم لا، وهذا قول في مذهب الحنفية، وهو المشهور عند المالكية، وهو ظاهر مذهب الشافعية، ونقل ابن مفلح أن الإمام أحمد


(١) انظر: "تهذيب الفروق" (١/ ١٦٦)، "تحفة الفقهاء" (٢/ ١٦٣).
(٢) انظر: (إكمال المعلم) (٨/ ٢٥)، "شرح النووي على صحيح مسلم" (١٦/ ٣٤٨).
(٣) رواه البخاري (٥٩٧١)، ومسلم (٢٥٤٨) (٢).
(٤) "المفهم" (٦/ ٥٠٩).
(٥) "فتح الباري" (١٠/ ٤٠٢).
(٦) رواه البخاري (٢٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>