للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نص عليه (١).

واستدلوا بعموم الأدلة المتقدمة في صلة الرحم والحث عليها.

والقول الأول أرجح -في نظري- وهو أن الرحم الذي تجب صلته هو الرحم المَحْرَمُ، وأما غير المحرم كأولاد الأعمام والعمات وأولاد الأخوال والخالات، فليست صلتهم واجبة، إنما هي مستحبة، فيصلها بما يلائمها، ومما يؤيد هذا أن أولاد الأعمام وأولاد الأخوال قد يكونون إناثًا، وقد حرم الشرع الخلوة والنظر والاختلاط بالقريبات من غير المحارم، كابنة العم وابنة الخال، وهذا ينافي الصلة التي تقتضي في غالب أحوالها الزيارة والجلوس والمحادثة، لكن تبقى صلة السؤال عنهم وتفقد أحوالهم؛ لأن الصلة أنواع ودرجات.

أما ما استدل بها أصحاب القول الثالث من العمومات، فإن غاية ما تفيده استحباب الصلة والحث عليها، وهذا لا نزاع فيه، وما أحسن قول أبي الخطاب (ومعلوم أن الشرع لم يُرِدْ صلة كل ذي رحم وقرابة، إذ لو كان ذلك لوجب صلة جميع بني آدم، فلم يكن بُدٌّ من ضبط ذلك بقرابة تجب صلتها وإكرامها، ويحرم قطعها، وتلك قرابة الرحم المحرم) (٢).

* الوجه السادس: في الحديث دليل على أن الجزاء من جنس العمل، فكما وصل رحمه بالبر والإحسان وأدخل السرور على قلوبهم وصل الله عمره ووصله في رزقه وفتح له من أبواب الرزق وبركاته ما لا يحصل له بدون ذلك.

* الوجه السابع: الحديث دليل على إثبات الأسباب وأن الله تعالى هو الخالق للأسباب ومسبباتها، وأن أسباب الخير توصل إلى الخير بإذن الله تعالى، ورَبْطُ المُسَبَّبَاتِ بالأسباب لا يقتضي خلاف علم الله تعالى السابق ولا ينافيه. يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: (كما أن الصحة وطيب الهواء


(١) انظر: "حاشية ابن عابدين" (٤/ ٥٠)، "الآداب الشرعية" (١/ ٤٥٢)، "حاشية البجيرمي" (٣/ ٢٢٩).
(٢) "الآداب الشرعية" (١/ ٤٥٢)، وانظر: "صلة الرحم ضوابط فقهية وتطبيقات معاصرة" للباحث: فهد النغيمشي ص (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>