للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحفظ دينه من الذم الشرعي، وحفظ عرضه بصونه عن كلام الناس بما يعيبه؛ لأن من عُرف بالوقوع في الشبهات فقد دخل عليه النقص في دينه، ولا يسلم عرضه من الطعن فيه باتهامه بمواقعة المحظورات.

والعرض: موضع المدح والذم من الإنسان، وهو متعلق بالأمور التي بذكرها يرتفع أو يسقط، ومن جهتها يذم أو يحمد، وقال الفاكهاني: (أشبه ما يفسر به العرض هنا: النفس؛ أي: استبرأ لنفسه من أن يُلام على ما أتى، والله أعلم) (١).

قوله: (ومن وقع في الشبهات) أي: تجرأ على الشبهات وأقدم عليها، وهذا يحتمل معنيين:

الأول: من أكثر من تعاطي الشبهات صادف الحرام وهو لا يشعر به.

الثاني: أنه يعتاد التساهل ويتمرن عليه وَيجْسُرُ على شبهة أخرى أغلظ منها، وهكذا حتى يقع في الحرام عمدًا.

قوله: (كالراعي يرعى حول الحمى) هذا تمثيل وتشبيه للأمور المعنوية بالشيء المحسوس المشاهد، وهو نوع من البيان وضرب من وسائل الإيضاح، ومفعول (يرعى) محذوف للعلم به؛ أي: يرعى مواشيه.

والحمى: بكسر الحاء، هو المكان المحمي، من إطلاق المصدر على اسم المفعول، والمراد به: ما حُمي من الأرض لأجل الدواب، فيكون محظورًا على غير من حماه؛ لأنه ينفرد برعيه دون غيره.

قوله: (يوشك أن يقع فيه) أي: يسرع ويقرب فيه بناء على تساهله في الصحافظة وجراءته على الرعي.

ووجه هذا التمثيل أن الراعي يجره رعيه حول الحمى إلى وقوعه فيه، فيستحق العقاب من صاحب الحمى، فكذلك المكثر من الشبهات ينجر إلى فعل الحرام، فيستحق العقاب بسبب ذلك.


(١) "رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام" (٥/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>