للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ألا وإن لكل ملك حمى) ألا: بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف تنبيه يفيد التوكيد، ويؤتى بها إشارة إلى أن ما بعدها أمر ينبغي التنبه له، والواو: استئنافية، والمَلِكُ: بكسر اللام الواحد من ملوك العرب، وهذا يحتمل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قاله إقرارًا، وأن الملك له أن يحمي مكانًا معينًا ترعى فيه بهائم المسلمين التي في بيت المال كإبل الصدقة وخيل الجهاد، ويحتمل أنه إخبار عن الواقع وإن لم يكن إقرارًا له، وهذا أقرب؛ لأن الظاهر من هذا المثال بيان الواقع لا بيان حكم الحمى شرعًا؛ لأن من الحمى ما يكون ظلمًا وعدوانًا (١).

قوله: (ألا وإن حمى الله محارمه) جمع محرمة: بفتح الميم وسكون الحاء وضم الراء أو فتحها وهي الحرمة التي لا يحل انتهاكها (٢).

والمراد هنا: المعاصي التي حرمها الله تعالى ومنع عباده الوقوع فيها من مأمور به واجب أو وقوع في منهي عنه محرم.

قوله: (ألا وإن في الجسد مضغة) مناسبة هذه الجملة لما قبلها أنه لما كان التورع والتهتك مما يتبع سلامة القلب وفساده نبّه على ذلك بهذه الجملة، وكررت (ألا) تنبيهًا على عظم شأن مدلولها وما دخلت عليه وأن هذا أمر له شأن ينبغي أن يتنبه له المخاطب، ويُستأنف الكلام لأجله.

والمضغة: قدر ما يمضع من الطعام، وعبّر بها هنا عن مقدار القلب في الرؤية.

قوله: (إذا صلحت صَلَحَ الجسد كله) صَلَحَ ومثله فَسَدَ بفتح العين، هو أكثر وأشهر، وتضم في المضارع، وحكى الفراء الضم في صلح، والتعبير بـ (إذا) لتحقق الوقوع غالبًا (٣).

والمعنى: أن هذه المضغة إذا صلحت بالإيمان والعلم صلح الجسد كله بالأعمال والإخلاص؛ لأن الجسد تابع لهذا القلب.


(١) "شرح رياض الصالحين" (٣/ ٤٩٣).
(٢) "المصباح المنير" ص (١٣٢).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>