للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثالث: ظاهر الحديث دليل على أن من تكلف مشابهة أحد فهو مثله، سواء تشبه بصالح أو بفاسق أو بمبتدع أو بكافر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم -أي: الكفار- وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١])، وقال في موضع آخر: (موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقًا) (١). وقال الصنعاني: (الحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم أو بالكفار أو بالمبتدعة في أي شيء مما يختصون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة) (٢).

وهذا الكلام أَخْذٌ بظاهر الحديث، وقد يقال: إنه من أحاديث الوعيد التي تُمرُّ كما جاءت، ولا يتعرض لمعناها، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: (هذا من نصوص الوعيد، وقد جاء عن سفيان الثوري وأحمد كراهة تأويلها، ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر، وهو يدل على أنه ينافي كمال الإيمان الواجب) (٣).

• الوجه الرابع: جاء في القرآن آيات كثيرة تتضمن النهي عن طاعة الكفار وتبعيتهم، والتحذير منهم، وذكر بعض خصالهم التي تنفر المؤمنين منهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠)} [آل عمران: ١٠٠]، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)} [الجاثية: ١٨]، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الآيات في هذا الموضوع قسمان:

١ - قسم بين أن مخالفتهم في عامة الأمور أصلح للمسلمين، وهذا تدل عليه جميع الآيات.

٢ - وقسم بين أن مخالفتهم مطلوبة وواجبة شرعًا، وهذا تدل عليه بعض الآيات (٤).


(١) "الاقتضاء" (١/ ٢٤١، ٤٢٦).
(٢) "سبل السلام" (٤/ ٣٤٨).
(٣) "فتح المجيد" ص (٣٦٤).
(٤) "الاقتضاء" (١/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>