للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وورد في السنّة أحاديث في هذا المعنى، ومن ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: "أن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها" (١)، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب، وأرخوا اللحى" (٢)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم" (٣).

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم" قيل: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " (٤).

وهذا الحديث وإن كان خبرًا عن أكثر الأمة إلا أنه جاء في سياق الذم المفيد للنهي والمنع، كما ورد في غيره مما يفعله الناس بين يدي الساعة؛ كشرب الخمر، وأكل الربا، والسلام للمعرفة، وظهور الكاسيات العاريات. وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على أن التشبه بالكفار منهي عنه (٥).

• الوجه الخامس: الضابط في موضوع التشبه هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من أن كل فعل مأخوذ من الكفار مما هو من خصائص دينهم أو عاداتهم فهو تشبه، فينهى عنه المسلم، كما نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمرو عن لبس المعصفر وقال: "إن هذه ثياب الكفار".

أما بالنسبة لأمور العقائد والعبادات والأعياد، فالنهي عن التشبه بهم فيها يقتضي التحريم، وقد يصل إلى درجة الكفر إذا كان مع القصد؛ لأن القصد يجعل مثل هذه الأعمال صادرة عن اعتقاد واستحسان لما هم عليه من الباطل، وهذا يتضمن المحبة والمودة، وهذا من نواقض الإسلام.


(١) رواه مسلم (٢٠٧٧).
(٢) رواه البخاري (٥٨٩٣)، ومسلم (٢٦١).
(٣) رواه البخاري (٥٨٩٩)، ومسلم (٢١٠٣).
(٤) رواه البخاري (٧٣٢٠)، ومسلم (٢٦٦٩).
(٥) "الاقتضاء" (١/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>