للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الانشغال عن أداء هذا الحق، وقد تقدم في أول "الجامع" حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه: "يسلم المار على القاعد … ".

قوله: (والأمر بالمعروف) وهو اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ورسوله من قول أو فعل أو اعتقاد.

قوله: (والنهي عن المنكر) وهو اسم جامع لكل ما يكرهه الله ورسوله من قول أو فعل أو اعتقاد.

° الوجه الثالث: في الحديث النهي عن الجلوس في الطرقات؛ لأن الطريق إنما جعلت للمرور بها لا للجلوس فيها؛ ولأن الجالس في الطريق قد يتعرض للفتنة، وقد يحصل منه الأذى إما بالقول أو بالفعل؛ ولأن الجالس يلزم نفسه بحقوق إخوانه المسلمين وهي لا تلزمه لو جلس في بيته، وقد لا يقوم بها على وجه الكمال، والمسلم مأمور بالابتعاد عن مواطن الفتن ومأمور بألا يلزم نفسه بشيء قد لا يقوى عليه.

وفي هذا دليل بيِّن على كمال هذا الدين ورعايته لمصالح العباد، ومن ذلك عنايته بالطرقات وصيانة حقوق المرور بها حيث نهى الناس عن الجلوس بها، ومن أبى إلا الجلوس طُلب منه القيام بالحقوق المذكورة في هذا الحديث.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على عظم شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث طلب من الجالس في الطريق القيام به؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تطابق على وجوبه الكتاب والسُّنة وإجماع الأمة، وهو -أيضًا- من النصيحة التي هي الدين، ومصالحه جمة، ومنافعه عظيمة، ولا يسقط عن المكلف؛ لكونه لا يفيد في ظنه، بل يجب عليه فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وواجبه: الأمر والنهي، لا القبول. قال تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إلا الْبَلَاغُ} (١) [المائدة: ٩٩].

° الوجه الخامس: استدل العلماء بهذا الحديث على قاعدة: "دفع


(١) انظر: "شرح الأربعين" لابن العطار ص (١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>