للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سبحان الله وبحمده) مائة مرة في اليوم، وجزاء من أتى بذلك أن الله تعالى يمحو خطاياه مهما بلغت من الكثرة ولو كان مثل زيد البحر، وهذا ثواب عظيم وعطاء جزيل من رب كريم، وهو دليل بَيِّنٌ على سعة فضل الله تعالى وكرمه.

وظاهر إطلاق الحديث أن هذا الأجر يحصل لمن قال ذلك في كل يوم، سواء أقالها متوالية أو متفرقة في مجالس، أو بعضها أول النهار وبعضها آخره، لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية، وقد جاء في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه" (١).

° الوجه الرابع: اختلف العلماء في الأذكار المقدرة بأعداد معينة هل يزاد عليها أم لا؟.

فذهب جماعة من أهل العلم ومنهم الإمام القرافي (٢) إلى أن الأذكار التي ورد فيها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص لا يحصل الأجر لمن عملها إلا إذا تقيد بالعدد الوارد، فإن زاد في أعدادها أو نقص فاته الثواب؛ لأن الشرع حدد العدد، وقد يكون هذا لحكمة وخاصية تفوت بها بمجاوزة ذلك العدد، واختار هذا الصنعاني (٣).

وقال آخرون ومنهم النووي (٤) والعراقي (٥): يحصل الثواب مع الزيادة؛ لأنه لما أتى بالأصل وهو العدد المقيد حصل له الثواب، ولا تكون الزيادة مزيلة للثواب بعد حصوله، وهؤلاء يستدلون بما تقدم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك".

والظاهر أن المانعين يحملون الزيادة في هذا الحديث على أعمال الخير، لا من نفس التهليل، واختار هذا الشوكاني (٦).


(١) "صحيح مسلم" (٢٦٩٢).
(٢) "الفروق" (٤/ ٢٠٤).
(٣) انظر: "تحفة الذاكرين" ص (١١٢).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٢٠/ ١٣).
(٥) انظر: "الفتوحات الربانية" (٣/ ٤٨).
(٦) "تحفة الذاكرين" ص (١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>