للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فاغفر لي) لفظ "الصحيح": (اغفر لي) بدون فاء، لكن جاء في طبعة الناصر لـ "الصحيح" ما يدل علي صحة سماعها (١)، وقوله: (اغفر) فعل دعاء من: غفر يغفر غفرًا، من باب ضرب، وأصل الغفر: الستر والتغطية، والمغفرة من الله تعالى ستره للذنوب، ووقاية العبد آثامها، بعفوه عنها بفضله ورحمته.

قوله: (فإنه لا يغفر النفوب إلا أنت) ضمير الهاء للشأن والأمر.

* الوجه الثالث: الحديث دليل علي فضل الاستغفار وأنه من أعظم أسباب مغفرة الذنوب إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع، ومن ذلك أن يسلم العبد من الإصرار علي المعصية؛ وهذا هو الاستغفار التام، أما الاستغفار مع إصرار القلب علي الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه، وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعًا من الإجابة.

وقد كثر في القرآن ذكر الاستغفار فتارة بالأمر به، كما في قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩]، وتارة بمدح أهله، كقوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: ١٧]، وتارة بالوعد بالمغفرة لمن استغفره، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)} [النساء: ١١٠] (٢). يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: (أي: من تجرأ علي المعاصي واقتحم علي الإثم، ثم استغفر الله استغفارًا تامًّا، يستلزم الإقرار بالذنب، والندم عليه، والإقلاع، والعزم علي ألا يعود، فهذا قد وعده من لا يخلف الميعاد بالمغفرة والرحمة، فيغفر له ما صدر منه من الذنب، ويزيل عنه ما ترتب عليه من النقص والعيب، ويعيد إليه ما تقدم من الأعمال الصالحة، ويوفقه فيما يستقبله من عمره، ولا يجعل ذنبه حائلًا عن توفيقه؛ لأنه قد غفره وإذا غفره، غفر ما يترتب عليه) (٣).


(١) "صحيح البخاري" (٨/ ٦٧).
(٢) انظر: "جامع العلوم والحكم" شرح حديث (٤٢)، "نتائج الأفكار في شرح حديث سيد الاستغفار" ص (٣٥٠).
(٣) "تفسير ابن سعدي" ص (٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>