للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد فسره -بذلك أيضًا- وكيع بن الجراح، كما جاء مصرحًا به عند أبي داود.

* الوجه الثالث: استحباب الدعاء بهؤلاء لكلمات الجامعة في الصباح والمساء تأسيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما في هذا الدعاء من الخير العظيم الجامع لسعادة الدنيا والآخرة؛ لأن فيه الدعاء بسلامة الإنسان في دينه ودنياه وأهله وماله من الشرور وأسبابها، وفيه الدعاء بحفظ الإنسان من جميع الجهات؛ لأن العبد بين أعدائه من شياطين الإنس والجن كالشاة بين الذئاب إذا لم يكن له حافظ من الله فما له من قوة.

إن على العبد أن يأخذ بأسباب حفظ الله تعالى له، ويحرص عليها، وأعظمها: توحيد الله تعالى، وفعل ما يحبه، واجتناب ما يسخطه، ومن ذلك: المحافظة علي مثل هذه الأدعية الجامعة، وأذكار الصباح والمساء؛ ليحظي العبد من ربه بحفظ دينه وإيمانه من الشبهات المردية، والبدع المضلة، والشهوات المحرمة، وبحفظ دينه عند موته، فيتوفاه علي الإسلام، كما يحظي من ربه بحفظ دنياه وبدنه وولده وأهله وماله وذريته، ولا حافظ للعبد في دينه ودنياه وجميع شؤونه إلا الله تعالى: {فَاللَّهُ خَيرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٦٤]، {إِنَّ رَبِّي عَلَي كُلِّ شَئٍ حَفِيظٌ} [هود: ٥٧] ومن تخلي الله عن حفظه فإنه هالك ضائع، ولا حافظ له من بعبد الله، وعلي حسب ما عند العبد من الإيمان واليقين والتوكل يكون حفظ الله له، وتكون مدافعة الله عنه بلطفه، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: ٣٨].

* الوجه الرابع: جاءت الأذكار والأدعية في الكتاب والسنة، منها ما هو مطلق لم يقيد بوقت، كما تقدم في بعض الأحاديث، ومنها ما هو مقيد بوقت، ومنه الصباح والمساء وما جاء في معناهما، كحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي، وقد جاء في القرآن قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)} [الأحزاب: ٤١، ٤٢]،

<<  <  ج: ص:  >  >>