للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي به أجاب) السؤال: أن يقول العبد: أعطني فيعطي، والدعاء: أن ينادي ويقول: يا رب، فيجيب الرب تبارك وتعالى، ويقول: لبيك عبدي، ففي مقابلة السؤال الإعطاء، وفي مقابلة الدعاء الإجابة، وقد يذكر أحدهما مقام الآخر (١)، والظاهر أنهما كالإسلام والإيمان، وعلي هذا الجملة الثانية غير الأولى، فإن الإجابة أبلغ من الإعطاء؛ لأن إجابة الدعاء تدل على شرف الداعي ووجاهته عند المجيب، فيتضمن -أيضًا- قضاء حاجته، بخلاف السؤال، فإنه قد يكون مذمومًا، على أن في الحديث دلالة على فضل الدعاء على السؤال (٢)، ومنهم من قال: إنها مؤكدة للأولي.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب استفتاح الدعاء بهذا الثناء على الله تعالى المشتمل على إفراده سبحانه وتعالى بالعبادة وتوحيده في ذاته وأسمائه وصفاته وربوبيته وإلهيته، وأنه هو الغني بذاته وجميع الكائنات فقيرة إليه في كل حالة من حالاتها.

وهذا من أعظم الأسباب في إجابة الدعاء؛ لأن مثل هذا التوسل مما يحبه الله تعالى ويجيب على أثره الدعاء، يقول ابن القيم: (أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر، وأنه اسم الله الأعظم، فكان ذكر الله عزَّ وجلَّ والثناء عليه أنجح ما طلب به العبد حوائجه، وهذه فائدة أخرى من فوائد الذكر والثناء أنه يجعل الدعاء مستجابًا … ) (٣).

* الوجه الرابع: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب هو ما ذكر هنا، وهذا رأي الطيبي، وقال الحافظ ابن حجر: إن الحديث أرجح ما قيل في الاسم الأعظم من حيث السند (٤).

والقول الثاني: أن اسم الله الأعظم (الحي القيوم) لحديث أبي أمامة - رضي الله عنه -


(١) "عون المعبود" (٤/ ٣٩٢).
(٢) "شرح الطيبي" (٥/ ٦٨ - ٦٩).
(٣) "الوابل الصيب" ص (١١٦ - ١١٧).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>