للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الفُساء يبطل الطهارة ويبطل الصلاة، وهذا أمر مجمع عليه، قال ابن المنذر: (اتفق علماء الأمة أن الصلاة لا تجزي إلا بطهارة، إذا وجد السبيل إليها) وقال: (أجمع أهل العلم على أن خروج الريح من الدبر حدث ينقض الوضوء) (١).

والفُساء: بضم الفاء، ريح يخرج من الدبر بلا صوت يسمع، فإن كان معه صوت فهو ضُراط.

وقد تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه فسر الحدث المفسد للصلاة بالفساء أو الضراط، وهذا تفسير للحَدَثِ بنوع منه؛ لأن الحدث أعم من ذلك، وكأنّ أبا هريرة فسره بالأخص تنبيهاً بالأخف على الأغلظ، ولأنهما قد يقعان في أثناء الصلاة أكثر من غيرهما، وإذا فسدت الصلاة وجب الخروج منها وإعادتها من أولها، لبطلانها بالحدث، وهذا قول الجمهور، وحكى ابن الملقن عن مالك والشافعي في القديم أنه يتوضأ ويبني على صلاته، ثم ضعفه (٢).

وأما حديث عائشة المتقدم في «نواقض الوضوء» والذي أعاده المؤلف هنا وفيه: «فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته … »، فهو حديث ضعيف من أفراد ابن ماجه عن بقية الستة، وحديث علي هذا ضعيف - أيضاً - فَيُرجع إلى أدلة أخرى تفيد بطلان الطهارة والصلاة وعدم البناء على ما مضى، ويمكن أن يستدل على ذلك بالحديث المتقدم «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»، فإنه يفيد أن صلاة المحدث لا تقبل، وهذا يعم ما قبل الصلاة من الحدث اختياراً وما حصل في أثنائها اضطراراً؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يفرق بين حدث وحدث (٣)، وقد يقدم حديث عليٍّ رضي الله عنه على حديث عائشة رضي الله عنها بكون أصحاب السنن - عدا ابن ماجه - أخرجوه، ولأنه صححه ابن حبان، بخلاف حديث عائشة فليس فيه شيء من ذلك.


(١) "الأوسط" (١/ ١٠٧).
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (١/ ٢٢٤).
(٣) "الإعلام" (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>