للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باختلاف البلدان واختلاف الأفهام، فقد يرى بعض الناس هذا كثيراً، وقد يراه آخرون قليلاً.

والقول الثالث: أن الكثير من الحركة ما خُيل للناظر أن المتحرك ليس في صلاة، وهذا حكاه صاحب «الإنصاف» (١) بلفظ: (وقيل)، ولعل هذا هو أظهر الأقوال وأقربها، وهو أن كل حركة تنافي الصلاة بحيث إذا رؤي الشخص يتحرك خُيِّل للناظر أنه ليس في صلاة، فهي مبطلة للصلاة، أما الشيء اليسير الذي لا ينافيها فلا يبطلها.

ويمكن أن تقسم الحركة في الصلاة إلى ثلاثة أقسام مستفادة من الأدلة وهي:

١ - حركة مأمور بها، وهي كل حركة تتوقف عليها صحة الصلاة، أو كمالها، فالأول: كما لو رأى على غطاء رأسه أو عباءته نجاسة فألقاها، وكما لو استدار إلى القبلة لما تبين له الصواب، ومن أدلة ذلك ما ورد في «الصحيحين» من استدارة الصحابة رضي الله عنهم إلى الكعبة لما أُخبروا بتحويل القبلة إليها (٢)، وقد ورد في «الصحيحين» أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أدار ابن عباس من ورائه إلى يمينه لما وقف عن يساره (٣)، وهذا على القول بعدم صحة الصلاة عن يسار الإمام مع خلو يمينه.

والثاني: وهو ما يتوقف عليه كمال الصلاة، كالتقدم إلى مكان فاضل، كسدِّ فرجة في الصف، أو تَحَرُّكٍ لتسوية الصف، فهذه مأمور بها لكمال الصلاة.

٢ - حركة منهي عنها، فإن كانت كثيرة متوالية لغير حاجة فهي مبطلة للصلاة - على ما تقدم - وإلا فهي مكروهة، وهي كل حركة يسيرة لغير حاجة، كما عليه كثير من الناس من العبث بالساعة أو النظر إليها أو تسوية غطاء


(١) "الإنصاف" (٢/ ٩٨).
(٢) أخرجه البخاري (٤٠٣)، ومسلم (٥٢٦).
(٣) سيأتي تخريجه -إن شاء الله- في باب (الإمامة).

<<  <  ج: ص:  >  >>