للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهؤلاء: أخذوا بصيغة الأمر على ظاهرها من الدلالة على الوجوب ولم يصرفوها عنها.

وقال الجمهور من أهل العلم: إن اتخاذ السترة غير واجب، بل هو سنّة، واستدلوا بما يلي:

١ - أنه ورد أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم صلّى في فضاء ليس بين يديه شيء (١).

٢ - حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى في منى إلى غير جدار (٢)، وقد نقل الحافظ عن الشافعي أنه قال: أي: إلى غير سترة (٣) ..

٣ - ما سيأتي من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «إذا صلّى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه» (٤).

ووجه الاستدلال به: أن قوله: «إذا صلّى أحدكم إلى شيء يستره»، يدل على أن المصلي قد يصلي إلى شيء يستره، وقد لا يصلي؛ لأن مثل هذه الصيغة لا تدل على أن الناس كلهم يصلون إلى سترة، بل تدل على أن بعضهم يصلي إلى سترة، وبعضهم لا يصلي إليها.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٢٤)، والبيهقي (٢/ ٢٧٣) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف مدلس، وقد عنعنه، لكن ورد من طريق أخرى عند أبي يعلى قال: حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت يحيى بن الجزار عن ابن عباس قال: جئت أنا وغلام من بني هاشم على حمار، فمررنا بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي، فنزلنا عنه، وتركنا الحمار يأكل من بقل الأرض، أو قال: نبات الأرض، فدخلنا معه في الصلاة، ففال رجل: أكان بين يديه عنزة؟ قال: لا.
وهذا الإسناد رجاله ثقات، فهو متابعة قوية لحديث حجاج، لكن يحيى بن الجزار لم يسمع من ابن عباس، بينهما صهيب البصري، وهو ثقة، وعليه فالإسناد صحيح لظهور اتصاله.
(٢) أخرجه البخاري (٧٦)، وأخرجه مسلم (٥٠٤) وليس عنده (إلى غير جدار).
(٣) "الفتح" (١/ ١٧١).
(٤) أخرجه البخاري (٩٠٥)، مسلم (٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>