للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما العلة الثانية: وهي الاضطراب فقد نفاها الحافظ ابن حجر معللاً بأن الاضطراب هو الاختلاف الذي يؤثر قدحاً، واختلاف الرواة في اسم رجل أو في كنيته، وهل روايته عن أبيه أو عن جده؟ لا يؤثر في ذلك؛ لأن ذلك الرجل إن كان ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه، لا من قبل الاختلاف في اسمه (١)، ولذا قال - هنا - في «البلوغ»: (ولم يصب من زعم أنه مضطرب)، وكأنه يعني العراقي وابن الصلاح فإنهما قد مثلا به للمضطرب - كما تقدم ـ، وقد نقل السيوطي عن الحافظ أنه انتقد التمثيل بمثل هذا الحديث للمضطرب (٢)!

ثم إن ابن خزيمة رجح إسناد: إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن محمد بن حريث، عن جده حريث، عن أبي هريرة (٣).

وأما العلة الثالثة: وهي جهالة أبي عمرو بن محمد بن حريث، فإن أريد بها جهالة العين - وهو الغالب عند الإطلاق - فذلك مرتفع عنه؛ لأنه روى عنه إسماعيل بن أمية، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، وزاد ابن حبان: ابن جريج، وابن أبي محمد (٤)، وبرواية اثنين تنتفي الجهالة، فكيف برواية أكثر من ذلك؟

وإن أريد بذلك جهالة الحال، فالظاهر أنها مرتفعة - أيضاً - لأن ابن حبان ذكره في «الثقات» وخَرَّجَ حديثه في «صحيحه»، وكذا صححه ابن خزيمة والحاكم، قال ابن حجر: (وذلك مقتضى ثبوت عدالته عند من صححه) (٥)، يعني بذلك أن تصحيح حديثه تعديل له.

والذي يظهر - والله أعلم - أن الحديث ضعيف، وما أجيب به عنه فهو غير ناهض، ويكفي في الحكم عليه كلام المتقدمين ومن بعدهم أمثال ابن


(١) "النكت على ابن الصلاح" (٢/ ٧٧٢).
(٢) "تدريب الراوي" (١/ ٢٦٥).
(٣) "صحيح ابن خزيمة" (٢/ ١٣).
(٤) "الثقات" (٧/ ٢١٨)، "تهذيب الكمال" (٥/ ٥٦٧).
(٥) "فتح الباري" (٧/ ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>