للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: أن القول برفع البصر حال الدعاء لا دليل عليه، ولم يقل به أحد من سلف الأمة، وهذا من الأمور الشرعية، فلا يجوز أن يخفى على جميع سلف الأمة وعلمائها.

الثاني: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يستقبل القبلة في دعائه، كما ثبت عنه ذلك في مواطن كثيرة، ففي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: (خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى هذا المصلى يستسقي، فدعا واستسقى، ثم استقبل القبلة) (١)، وترجم له البخاري في كتاب «الدعوات» باب «الدعاء مستقبل القبلة».

الثالث: أن القبلة هي ما يستقبله العابد بوجهه، كما تُستقبل الكعبة في الصلاة والذكر والدعاء والذبح، وليست القبلة ما يُرفع إليه البصر، ولا ما تُرفع إليه الأيدي (٢).

الوجه الخامس: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن المصلي ينظر إلى موضع سجوده، سواء أكان إماماً أم مأموماً أم منفرداً، إلا عند المالكية، فقالوا: إن المصلي ينظر أمامه، لا إلى موضع سجوده (٣)، مستدلين بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤].

ووجه الدلالة: أن المصلي مأمور بأن يولي وجهه شطر المسجد الحرام، وإذا نظر إلى موضع سجوده احتاج إلى نوع من الانحناء، والمنحني إلى موضع سجوده لم يولّ وجهه شطر المسجد الحرام.

وقد استدل الجمهور بما يلي:

١ - أن الله تعالى أثنى على المؤمنين ومدحهم بالخشوع في الصلاة، ومن صفات الخاشع أن ينظر إلى موضع سجوده، قال ابن تيمية: (إن خفض البصر من تمام الخشوع) (٤).


(١) أخرجه البخاري (٦٣٤٣).
(٢) "شرح الطحاوية" (٣١٧).
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ١٦٠).
(٤) "الفتاوى" (٦/ ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>