للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على النهي عن الصلاة حال حضور الطعام الذي يريد أكله، لما تقدم من أن الصلاة صلة بين العبد وربه، ولا يتم ذلك إلا بحضور القلب وتفريغه من الشواغل، فيقدم الطعام لتؤدى الصلاة بخشوع وحضور قلب، ولو فات أول الوقت أو فاتت الجماعة.

وحضور الطعام قيد معتبر، فإن كان غير حاضر فلا تؤخر، إلا إن تيسر حضوره عن قرب، كأن توجد أمارات تقديمه، فلا يبعد أن يكون كالحاضر.

وقال بعض العلماء: إذا كان الطعام غير حاضر ونفسه تتوق إليه فالحكم فيه كما لو حضره، لوجود المعنى، وهو ترك الخشوع.

والأول أظهر، فإن الحضور قيد معتبر لا ينبغي إهداره، لأن حضور الطعام يوجب زيادة تشويق وتطلع إليه، فقد يكون الشارع اعتبر هذا الوصف وهو زيادة التشويق بسبب حضوره، فلا يلحق به ما لا يساويه للقاعدة الأصولية: أن محل النص إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكون معتبراً لم يُلْغَ (١).

الوجه الرابع: الحديث دليل على النهي عن الصلاة حال مدافعة البول والغائط، لأنه يكون مشغولاً بهما حتى ينتهي من صلاته ليفرغ منهما مع ما في ذلك من مضرة البدن، بل عليه أن يقضي حاجته ويتوضأ ولو فاتته الجماعة، لأن صلاته وحده بحضور قلب وخشوع أهم من صلاته مع الجماعة في حال مدافعة الأخبثين.

أما إذا كان شيئاً يسيراً لا يشغله، أو أحسَّ بالبول والغائط ولم يصل إلى حد المدافعة فلا بأس في الصلاة، لأن المدافعة تقتضي أن هناك شدة بحيث إن البول والغائط يؤذيه تأخره.

فإن ترتب على قضاء حاجته خروج الوقت فهل يصلي مع المدافعة أو يتوضأ ويصلي ولو خرج الوقت؟ قولان:


(١) انظر: "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٢/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>