للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن قد يشكل على ذلك أن القول بالاستحباب هو قول الجمهور، بل نُقِلَ فيه الإجماع، وما نقل عن الظاهرية، صرح ابن حزم في «المحلى» بخلافه، وعلى هذا فتحية المسجد سنة مؤكدة لا ينبغي تركها.

الوجه الثالث: عموم الحديث يدل على أن الداخل يصلي ولو في وقت النهي، وهذا هو الأصح في مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وقد نصر ابن تيمية هذا القول (١)، ووجه ذلك أن حديث النهي «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس» قد ثبت تخصيصه بقضاء الفائتة وإعادة الجماعة وركعتي الطواف - كما تقدم في أوقات النهي - وحديث تحية المسجد عام محفوظ لم يدخله التخصيص، والعام الذي لم يدخله التخصيص مقدم على العام الذي دخله التخصيص، ومما يؤيد ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بتحية المسجد حال الخطبة، والنهي عن الصلاة في وقت الخطبة أشد، لأن السامع منهي عن كل ما يشغله عن الاستماع حتى الصلاة، حيث أمر الشرع بتخفيفها، فإذا فُعلت تحية المسجد وقت الخطبة ففعلها في سائر الأوقات أولى.

الوجه الرابع: ظاهر الحديث أنه تستحب التحية لكل مرة إذا تكرر دخوله، قال النووي: (وهو الأقوى والأقرب لظاهر الحديث) (٢) وأفتى به الشيخ عبد الرحمن السعدي (٣).

والقول الثاني: أنه يكفيه ركعتان، وهو قول الحنفية (٤)، ونقله المرداوي عن ابن عقيل الحنبلي، وعلل ذلك بالمشقة لو صلّى كل مرة (٥).

وهذا هو الأظهر، لأن من خرج من المسجد وعاد إليه عن قرب لم


(١) "الفتاوى" (٢٣/ ١٧٨ - ١٩٩، ٢١٠ - ٢١٧).
(٢) "المجموع" (٤/ ٥٢).
(٣) "الفتاوى السعدية" ص (١٦١).
(٤) "حاشية ابن عابدين" (٢/ ١٩).
(٥) "تصحيح الفروع" (١/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>